القضاء في قبضة الإخوان.. شهادة محامية سودانية تكشف المستور

كشفت المحامية السودانية رحاب المبارك سيد أحمد، عضوة اللجنة التنفيذية لمجموعة “محامو الطوارئ”، عن تفاصيل موثقة تتعلق بتغلغل عناصر الحركة الإسلامية داخل السلطة القضائية السودانية، وتحولها إلى أداة سياسية تخدم مصالح تنظيم الإخوان، وذلك خلال فترتي انقلاب أكتوبر 2021 والحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي تصريحات أكدت المبارك أن المعلومات التي جمعتها تستند إلى تقارير ميدانية ووثائق رسمية، وتُظهر كيف تحولت السلطة القضائية من مؤسسة للعدالة إلى منصة للإفلات من العقاب وتمويل الحرب وحماية المتهمين من المحاسبة. وأوضحت أن هذه الانحرافات بدأت بعد تشكيل حكومة عبدالله حمدوك، التي أنشأت لجنة إزالة التمكين، وشرعت في تفكيك نفوذ النظام السابق داخل مؤسسات الدولة، بما فيها الجهاز القضائي.
وبحسب المبارك، فإن اللجنة رصدت وجود أكثر من 18 قاضيًا كانوا في الأصل ضباطًا بجهاز الأمن، تم تعيينهم داخل السلطة القضائية، وتم تسليم قائمة بأسمائهم للقاضية نعمات عبد الله في مظروف سري. وأشارت إلى أن هذه الخطوة أثارت قلقًا واسعًا داخل أوساط الحركة الإسلامية، التي بدأت في هندسة خطة مضادة بقيادة أحمد هارون، الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، تهدف إلى إعادة تمكين العناصر المفصولة وإخراج المعتقلين من السجون.
وتابعت أن الخطة نُفذت عبر رئيس القضاء المكلف عبد العزيز فتح الرحمن، وبتنسيق مع نائب رئيس القضاء الأمين الطيب البشير، حيث تم عقد اجتماعات داخل سجن كوبر بحضور مدير السجن، وتم خلالها إعداد فتوى قانونية مكّنت قيادات النظام السابق من مغادرة السجن دون محاكمة. كما تولى القاضي أبوسبيحة إلغاء قرارات لجنة إزالة التمكين، وإعادة القضاة المفصولين إلى الخدمة، وفك الحجز عن الأموال والحسابات البنكية المرتبطة بالحركة الإسلامية.
وفي المرحلة الثانية، التي أعقبت اندلاع الحرب في أبريل 2023، أكدت المبارك أن السلطة القضائية تحولت إلى أداة لتمويل العمليات العسكرية عبر مؤسساتها المالية، إلى جانب تنفيذ برامج انتقامية ضد النشطاء المدنيين ودعاة التغيير. وأشارت إلى أن هذه البرامج تستهدف إخراس الأصوات المعارضة، عبر تهم جنائية مثل “تقويض النظام الدستوري” و”إثارة الحرب ضد الدولة”، بهدف ترهيب المجتمع المدني وإعادة إنتاج النظام السابق بقوة السلاح.
وتأتي هذه الشهادات في وقت تتصاعد فيه الدعوات لتصنيف تنظيم الإخوان في السودان كجماعة إرهابية، وسط مطالبات بإصلاح شامل للسلطة القضائية، وضمان استقلالها عن النفوذ السياسي والعسكري، بما يعيد لها دورها الطبيعي في حماية الحقوق وتحقيق العدالة.
كشفت المحامية السودانية رحاب المبارك سيد أحمد، عضوة اللجنة التنفيذية لمجموعة “محامو الطوارئ”، عن تفاصيل جديدة تتعلق بـاستغلال السلطة القضائية في السودان من قبل عناصر الحركة الإسلامية، وذلك عبر توزيع الولاءات وتوظيف النفوذ داخل الإدارات الحساسة، لا سيما المكتب التنفيذي وإدارة الخدمات، في سياق ما وصفته بـ”التحول المؤسسي نحو خدمة أجندات الحرب والانتقام السياسي”.
وبحسب المبارك، فإن أحمد هارون، الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، قاد عملية توزيع عناصر موالية له داخل السلطة القضائية، بدءًا من المكتب التنفيذي لرئيس القضاء، الذي يُعد حلقة الوصل الرئيسية بين رئيس القضاء وبقية الإدارات، والمسؤول عن تنفيذ قراراته. وأشارت إلى أن القاضي طلال هاشم قرشي يشغل حاليًا منصب رئيس المكتب التنفيذي، واصفة إياه بأنه “ضعيف الشخصية ومسلوَب الإرادة”، ما يجعله أداة طيّعة لتنفيذ الأوامر دون اعتراض.
وأضافت أن القاضي الكباشي محمد عمر علي، الذي يشغل منصب نائب رئيس المكتب التنفيذي، يُعد الشخصية الأخطر داخل هذه الإدارة، نظرًا لامتلاكه أدوات الربط والتأثير، وقد أعيد إلى الخدمة بعد فصله من قبل لجنة إزالة التمكين. وذكرت أنه من القضاة الذين كانوا يعملون ضمن جهاز الأمن، ويُعرف بولائه الكامل للحركة الإسلامية، وعلاقته الوثيقة بمدير جهاز الأمن الحالي، الضابط “مفضل”. كما اتهمته بتورطه في قضايا فساد مالي في ولاية كسلا، حين كان مديرًا للخدمات، إلى جانب مخالفات بمحكمة النظام العام في ذات الولاية.
وفي ما يتعلق بـإدارة الخدمات القضائية، أوضحت المبارك أن هذه الإدارة تُعنى بتوفير احتياجات القضاة من المواد الغذائية والتموينية، ويتم استقطاع مبلغ شهري قدره 100 ألف جنيه سوداني من راتب كل قاضٍ لهذا الغرض. إلا أن هذه الاستقطاعات استمرت منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 دون تقديم أي خدمات فعلية، ما اعتبرته “اعتداءً واضحًا على رواتب القضاة”.
وأشارت إلى أن العرف القضائي كان يقضي بأن يترأس هذه الإدارة قاضٍ من المحكمة العليا، ويشغل منصب نائب الرئيس قاضٍ من درجة الاستئناف، لكن رئيس القضاء خالف هذا العرف وعيّن القاضي مالك بكري، وهو من المفصولين سابقًا وأُعيد للخدمة، رئيسًا للإدارة. ووصفت بكري بأنه من أبرز أذرع الحركة الإسلامية خلال فترة الحرب، خاصة في ما يتعلق بجمع الأموال من السلطة القضائية في المركز والولايات.
وكشفت المبارك أن مالك بكري قام بتأسيس شركات تجارية بأسماء أشخاص لا ينتمون للسلطة القضائية، واستغل أموال المؤسسة في تمويل مشاريع خاصة، من بينها مصنع طحينية في عطبرة، وشركة لتصدير اللحوم، وصيدليات في الولايات الآمنة. كما خُصصت له ثلاثة مربعات للتنقيب عن الذهب، اثنان في ولاية نهر النيل، وواحد في ولاية البحر الأحمر.
وأضافت أن بكري عيّن القاضي عياد التهامي رئيسًا لإدارة الخدمات في ولاية كسلا، واستأجر له شققًا في مدينتي كسلا والقضارف، في وقت يعاني فيه القضاة من انعدام أماكن الإيواء في استراحات السلطة القضائية بسبب النزوح والتشريد.
واختتمت المبارك شهادتها بالتأكيد على أن السلطة القضائية، في عهد القاضي مالك بكري، تحولت إلى شركة خاصة تُنافس في سوق الذهب واللحوم والعلاج، بهدف تحقيق أرباح تُحوّل جزء منها للمصالح الشخصية، فيما يُخصص الجزء الآخر لدعم الحرب، في ما وصفته بـ”انهيار أخلاقي ومؤسسي غير مسبوق”.
