السودان يُعاقب من جديد.. واشنطن تحظر التعامل وتعيد وصمة الإرهاب

تبددت جهود سودانية أثمرت رفع البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل 5 سنوات، بقرار جديد وضعها ضمن قائمة حظر السفر إلى أمريكا.
وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع المنصرم، قرارًا يقضي بحظر مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة، من بينها السودان، بسبب “وجود واسع النطاق للإرهابيين” بها و”العجز في التحقق من هويات المسافرين”.
ودخل القرار حيّز التنفيذ الإثنين الماضي. ونصّ القرار على تعليق دخول مواطني السودان، سواءً كانوا مهاجرين أو غير مهاجرين، إلى الولايات المتحدة الأمريكية تعليقًا كاملًا.
موجة استياء
أثار القرار الأمريكي موجة استياء في أوساط السودانيين، بسبب “انعدام الجدية اللازمة لإيقاف الحرب بالنسبة لطرفي النزاع، خصوصًا الجيش السوداني، الذي لم يتوقف عند حدود التهرب من مسار الحلول التفاوضية فحسب، بل أغرق السودان في فوضى أمنية عبر تحالفاته مع المليشيات الإخوانية الإرهابية”، وفق مراقبين.
وارتفعت أصوات الناشطين السودانيين على منصات التواصل الاجتماعي، تعليقًا على القرار الأمريكي، واعتبروه بمثابة “سقوط” للدولة السودانية في النفق المظلم الخاص بـ”شبهة” الإرهاب من جديد، بعدما نجحت حكومة رئيس الوزراء السابق في الفترة الانتقالية، عبد الله حمدوك، في إخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، عقب الثورة السودانية في أبريل/نيسان 2019.
وتأسف الناشطون في السودان على الحال الذي وصلت إليه البلاد خلال حكم قيادات الجيش السوداني، واعتبروا أن “انقلاب قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، على الحكومة المدنية بقيادة حمدوك، سبب مباشر في عودة السودان إلى خانة العزلة الدولية”.
ثمن الفوضى
وأوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي في السودان، محمد عبدالباقي أن الإدارة الأمريكية اضطرت إلى إدخال السودان ضمن بقية الدول المعنية بحظر دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة، بسبب ما سماه “الفوضى الأمنية” التي يعيشها السودان بسبب استمرار الحرب.
وقال عبدالباقي في حديثه إن “الحرب في السودان تمدد أثرها بشكل مباشر إلى نوعية الخدمات التي تقوم بها المؤسسات المسؤولة عن إدارة الهجرة والجوازات، وهو ما يجعل الفحص والتدقيق ضعيفين في استخراج الأوراق الرسمية الخاصة بإثبات الهوية، وكذلك أذونات السفر، نتيجة لغياب أجهزة الدولة وانشغالها بالعمليات العسكرية”.
كما أشار إلى “الخلل الكبير” الذي أصاب “قاعدة البيانات”، بسبب الأضرار التي لحقت بالمقار الحكومية، وشبكات الاتصال، والكهرباء، نتيجة للمعارك الحربية بين طرفي النزاع.
وأضاف عبدالباقي أن المشهد السوداني شهد صعودًا ملحوظًا لكثير من الفصائل المتطرفة المرتبطة بالتنظيم الإخواني و”داعش” وغيرهما من التشكيلات المحسوبة على المنظومات الإرهابية، مشيرًا إلى أن كل ذلك جعل الإدارة الأمريكية مضطرة لتقييد حركة دخول السودانيين إلى أراضيها.
وأقر بأن القرار الأمريكي السابق بـ”شطب” اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، تم في وقت ظهرت فيه ملامح “معافاة” لطبيعة الدولة السودانية، عقب نجاح الثورة التي أطاحت بنظام الإخوان السابق في أبريل/نيسان 2019.
إلا أن المحلل السياسي عاد مؤكدًا أن إفرازات الحرب الحالية في السودان، والتي ينشط فيها تنظيم الإخوان، ترفع كثيرًا من المحاذير لدى الدول التي لا تتساهل في مكافحة “الإرهاب”، ولا تتغافل عن “إغلاق” كل المنافذ في وجهه قبل أن يسلك طريق الدخول إلى أراضيها.
وشمل الحظر السودان وأفغانستان وميانمار وتشاد والكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال واليمن. كما يفرض قيودًا جزئية على دخول الأشخاص من سبع دول أخرى، وهي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا.
“سابا” تعلق
وشكل قرار الرئيس الأمريكي ترامب صدمة كبيرة لدى السودانيين الذين يواجهون مستقبلًا محفوفًا بالمخاوف، في وقت تستعر فيه الحرب في بلادهم، وتتقطع بهم السبل وصولًا إلى حياة كريمة وآمنة.
وخلفت الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عشرات الآلاف من القتلى، وملايين النازحين، حتى صارت “أكبر أزمة إنسانية في العالم”.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، تجاوز عدد قتلى الحرب 20 ألف شخص، في حين تشير تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية إلى 150 ألف قتيل، بينما تجاوز عدد النازحين 13 مليون نازح.
من جانبها، أعربت جمعية الأطباء السودانيين الأمريكيين (سابا) عن قلقها إزاء تأثير حظر السفر على الاختصاصيين السودانيين في الرعاية الصحية.
وقالت، في تعميم صحفي إن القرار يؤثر على 80 خريجًا من الكليات الطبية في السودان، تم قبولهم في برامج الإقامة والزمالة الأمريكية للتدريب في 1 يوليو/تموز 2025.
وأضافت “سابا” أنه قد يُحرم الأطباء السودانيون الموجودون حاليًا في الولايات المتحدة بتأشيرات J-1 من السفر لزيارة عائلاتهم في الخارج أو لم شملهم. وأعلنت مشاركتها في جهود الحل مع الشركاء القانونيين وشركاء الهجرة لاستكشاف الحلول المتاحة.
وأكدت أنها ستعمل على التواصل داخليًا وعلى الفور مع الأعضاء والأفراد المتضررين لفهم نطاق المشكلة ومشاركة التحديثات.
