السودان ينزف
السودان ينزف وصرخات أطفاله تصمّ الآذان .. عيونٌ تملؤها الحسرة، وبطون فارغة تبحث عن لقمة تسد الرمق، أما المعارك فلا تتوقف، والدماء تسيل على أرض النيل.. إنها ويلات الحرب التي لا تعترف بمبدأ الرحمة والأخطر قادم.
حيث يتنافس طرفا الصراع على توظيف الطائرات دون طيار في عمليات الاستطلاع، وجمع المعلومات، واستهداف مواقع الطرف الآخر، وتمركزات قواته.. مما يدل في أحدث تطور في ميدان القتال إلى أن طرفي الصراع يراهنان على “الطائرات المسيّرة” في قلب الظروف الميدانية لصالح أحدهما.. بينما شبح المجاعة يلوح في الأفق.
بعد نحو عام من الحرب.. مسؤولة في الأمم المتحدة حذّرت من أن السودان يواجه “واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة” منددة بتقاعس المجتمع الدولي.
أمام مجلس الأمن استنكرت إيديم وسورنو نيابة عن منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية قائلة: “يحدث استهزاء إنساني في السودان، خلف ستار من الإهمال والتقاعس الدولي.. وببساطة نحن نخذل الشعب السوداني”.
ثمّة من يقول إن الاعتراف بالحق فضيلة، لكن أي فضيلة والعالم يغضّ الطرف أمام أبشع كارثة تحل بهذا البلد الذي لا يحلم أهله إلا العيش بسلام.
منذ 15 من أبريل 2023، أدى القتال بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو إلى مقتل آلاف السودانيين، ونزوح نحو 8 ملايين آخرين.
الحرب ستنهي عامها الأول ولا أمل في الأفق بعد الخذلان الذي عاشه السودانيون بعد أن تفاءلوا بوقف القتال، خلال شهر رمضان المبارك، ووُعِدوا بمساعدات إنسانية بلا عوائق .. لكن مجلس الأمن الدولي وقف عاجزًا أمام وعوده.
بعد حوالي عامٍ على الحرب كانت نتيجتها صادمة وبالأرقام.
ما يقارب 18 مليون سوداني يواجهون خطر المجاعة، أي بزيادة 10 ملايين شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.. بينما يعاني 730 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.
وفي وثيقة إلى مجلس الأمن الدولي حذّر مارتن غريفيث من أنّ 5 ملايين سوداني قد يواجهون في غضون بضعة أشهر “انعدام أمن غذائي كارثيًا”.
ومن المتوقع وفاة حوالي 222 ألف طفل بسبب سوء التغذية خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة” بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، في حين أن أكثر من 70% من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة.
وبينما تتعالى الدعوات أمام هول الكارثة.. لكن لا مستجيب.