السودان يترقب محادثات جنيف
محادثات غير مباشرة في جنيف، برعاية أممية، تطرق أبواب الحل في السودان، ولو من نافذة إنسانية ضيقة، بعد 16 شهرا من القتال.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
وفي محاولة لوقف هذا النزيف الإنساني في السودان، تقود الأمم المتحدة محادثات غير مباشرة بين طرفي الأزمة؛ الجيش والدعم السريع، في جنيف، بهدف التوصل لوقف إطلاق نار مؤقت يسمح بوصول المساعدات الإنسانية.
ضغوط إقليمية ودولية
وتوقع الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، أن تنجح المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، إذ سبقها بالفعل دخول قوافل إغاثية إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع” في دارفور وكردفان بموافقة الطرفين.
وأضاف الأسباط : “أتوقع أن تحدث المحادثات غير المباشرة التي انطلقت في جنيف أمس الخميس، اختراقا ولو محدود في هذا المجال لعدم وجود خلافات كبيرة في ظل الضغوط الدولية الإقليمية وضغوط المجاعة في الداخل”.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، يوسف حمد: “أمثالي من المحللين ممن هم داخل السودان عاطفيون جدا، ويتمنون أن تنجح المفاوضات وتتوقف العمليات العسكرية لتصل المساعدات الإنسانية، وربما يحدث هذا إذا وفرت الأمم المتحدة وسائل المراقبة الفعالة على الأرض وأظهرت القدر الكافي من الحزم”.
وأضاف حمد: “باستثناء ذلك، فإن للطرفين تاريخ حافل من المراوغات وخلق الذرائع، وقد شاهدنا ذلك بوضوح في الشهور الأولى من الحرب وقت الإعلان عن الهدن الإنسانية”.
“رغبة صادقة”
إلى ذلك، ذكرت قوات “الدعم السريع“، في بيان “، أنها رحبت بالدعوة الأممية لإجراء المحادثات في جنيف، “تماشيا مع موقفها المبدئي المُعلن الداعي إلى وقف الحرب وتحقيق السلام ورفع المعاناة الإنسانية عن كاهل الشعب، الذي عبرت عنه من خلال المشاركة في محادثات جدة الأولى والثانية والمنامة والمبادرات الأخرى”.
وأضاف البيان: “نتطلع لأن تكون محادثات جنيف بناءة ومثمرة تسهم في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المتأثرين بالحرب في السودان، إلى جانب بحث آليات فعالة لتعزيز حماية المدنيين، ونشيد بالجهود التي ظلت تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها للمحتاجين”.
وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/ أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق بين طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، لكن تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وخلال الفترة من (6 -8) يناير/ كانون الثاني الماضي، أجرى كل من نائب القائد العام للجيش، الفريق أول شمس الدين كباشي، والقائد الثاني لقوات “الدعم السريع“، الفريق عبد الرحيم دقلو، مفاوضات في العاصمة البحرينية (المنامة)، انتهت بتوقيع اتفاق من 22 بندا.
ونص الاتفاق الذي تضمن 22 بندا، على تكوين جيش وطني مع “الدعم السريع“، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك “نظام الإسلاميين” الذي حكم البلاد في العقود الثلاثة الماضية. لكن لم يجد طريقه إلى التنفيذ,
محادثات غير مباشرة
بدوره، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، أمس الخميس، إن وفدين من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وصلا جنيف لبدء محادثات غير مباشرة حول “وقف محتمل لإطلاق النار” بهدف تسهيل وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
والأسبوع الماضي، طلب رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، من قائدي الجيش والدعم السريع إرسال وفدين إلى سويسرا لبدء محادثات غير مباشرة حول حماية المدنيين وتسهيل وصول العون للمتضررين من القتال تحت رعاية الأمم المتحدة.
فيما قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لشبكة (سي.بي.إس نيوز) الأمريكية، إن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، يشارك أيضا في محادثات جنيف التي تستهدف استكشاف “كيفية معالجة الوضع الإنساني وتوصيل المساعدات إلى المحتاجين، والتوصل إلى حل سياسي يجمع الطرفين”.
وأفاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن لعمامرة موجود في جنيف، وأن الوفدين استجابا بشكل إيجابي مع دعوة المبعوث لحضور المحادثات غير المباشرة.
وتأتي خطوة لعمامرة بدعوة الطرفين المتقاتلين، استنادا إلى تكليفه من مجلس الأمن، وفقا للقرار 2740، باستعمال مساعيه الحميدة لوقف القتال في السودان.
كما حث مجلس الأمن في قراره رقم (2736) الأطراف كذلك على وقف التصعيد في الفاشر (في شمال دارفور غربي السودان)، والسماح بتيسير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء البلاد، وضمان حماية المدنيين.
وفي القرار، طلب مجلس الأمن من الأمين العام، بالتشاور مع السلطات السودانية وأصحاب المصلحة الإقليميين، تقديم توصيات إضافية لحماية المدنيين في السودان، بالاستناد إلى آليات الوساطة والمساعي الحميدة القائمة.
كما حث أطراف النزاع على السعي لوقف فوري للأعمال العدائية مما يؤدي إلى حل مستدام للنزاع من خلال الحوار.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.