السودان.. نزوح من «ود مدني» قبل السقوط وحظر التجوال يتسع
تشهد مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان حركة نزوح متسارعة مع احتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال شهود عيان إن المدينة تشهد ازدحاما كبيرا من أجل المغادرة إلى الولايات الشرقية والجنوبية، هربا من القتال والعنف.
ولجأ نحو نصف مليون نازح إلى ولاية الجزيرة منذ اندلاع النزاع العسكري بين الجيش وقوات الدعم منتصف أبريل/نيسان الماضي، أقام نحو 86 ألفا منهم في عاصمتها ود مدني، وفق أرقام الأمم المتحدة.
تعيش المدينة أوضاعا كارثية بالغة التعقيد، مع تسارع وتيرة الاشتباكات، والزحف البشري والتزاحم بالمناكب حول الحافلات من أجل الهروب من أصوات الرصاص ودوي المدافع.
وأفادت مصادر عسكرية بأن الاشتباكات تجددت صباح اليوم الإثنين، بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” شرقي مدينة ود مدني.
وحسب المصادر، فإن القتال اندلع باستخدام جميع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، في مربع 10 المنصورة، الذي يبعد نحو 4 كيلومترات من جسر “حنتوب” الذي يربط ود مدني شرقا وغربا.
وطبقا لمصادر عسكرية، تحاول قوات الدعم السريع الدخول من عدة محاور مختلفة للاقتراب من المنطقة العسكرية المحاذية للجسر.
وأكدت المصادر العسكرية سقوط اللواء مشاة التابع للفرقة الأولى بمنطقة حنتوب شرقي ود مدني في قبضة قوات الدعم السريع.
وذكرت المصادر، أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، يحلق باستمرار في سماء شرقي ود مدني، وبين الحين والآخر يستهدف تجمعات قوات “الدعم السريع“، التي تسارع بالرد بالمضادات الأرضية.
ودفع القتال الذي اندلع الجمعة الماضي، بوكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى تعليق أعمال الإغاثة في الولاية “حتى إشعار آخر”.
ويقول المواطن السوداني مصعب عبد الله: “الناس يتدافعون لاستقلال الحافلات من أجل الخروج من المدينة التي تعيش مأساة حقيقة”.
وأشار عبد الل “تضاعفت أسعار تذاكر السفر، ورغم ذلك صعب جدا توفيرها نظرا لشح الحافلات بسبب انعدام الوقود في المدينة.”
وأضاف أن “النساء والأطفال وكبار السن يسيرون على الأقدام لعدم توفر وسائل النقل للخروج من المدينة”.
وفي خطوة استباقية، اضطر أصحاب رؤوس الأموال والتجار إلى تفريغ محلاتهم التجارية من البضائع والسلع الغذائية ومواد البناء من سوق مدينة المناقل.
وأبلغ شهود عيان أن سوق مدينة المناقل حاليا شبه فارغة، ما عدا محلات اللحوم والخضراوات.
والمناقل مدينة تقع في ولاية الجزيرة بوسط السودان على ارتفاع 412 مترا (1351 قدما) فوق سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم بحوالي 156 كيلومترا، وعن مدينة ود مدني حاضرة الولاية 62 كيلومترا.
وتعتبر المناقل واحدة من أكبر المدن الصناعية بالسودان وتتوسط مشروعا زراعيا يحمل اسمها هو مشروع امتداد المناقل الزراعي الذي يشكل الجزء الأكبر من مشروع الجزيرة الزراعي بالسودان.
ومع تسارع وتيرة الاشتباكات وتدهور الوضع الأمني، فرضت 5 ولايات في السودان (ليل الأحد) تدابير أمنية مشددة شملت حظر تجوال ومنع تجمعات المواطنين، كما نفذت الأجهزة الأمنية في بعض المدن حملات اعتقالات واسعة طالت عددا من المدنيين.
وفرضت حكومة ولاية الجزيرة أمر طوارئ قضى بحظر التجوال ومنع التجمعات مع الحجز على وسائل النقل التي يشتبه بها في مخالفة أوامر الطوارئ.
كما أصدر والي ولاية سنار المكلف (جنوب شرق) توفيق محمد، قرارا بإعلان حالة الطوارئ بالولاية، وحظر التجوال منذ السابعة مساء وحتى الخامسة صباحا بالتوقيت المحلي.
ووجه الوالي بتكوين خلية أمنية من الأجهزة العسكرية والشرطية والأمنية، كما أمر بمصادرة كل الدراجات البخارية والسيارات غير المرخصة.
وفي الولاية الشمالية (شمال) أصدر الوالي المكلف عابدين عوض الله قرارا بحظر التجوال من الساعة الثامنة مساء حتى الخامسة صباحا بالتوقيت المحلي بجانب حظر كافة أنواع التجمعات.
وانضمت حكومات النيل الأبيض (جنوب) ونهر النيل (شمال) والقضارف (شرق) للولايات التي اتخذت إجراءات أمنية مشددة بما في ذلك حظر التجوال والتجمعات ومنع تحرك الدراجات البخارية تحسبا لتمدد قوات الدعم السريع لتلك الولايات.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 تشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.