أحداث

السودان: ما الثمن الذي سيدفعه البرهان مقابل “الفيتو” الروسي؟


أكد خبراء أن قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، على استعداد أن يمنح روسيا ما تريده، مقابل الفيتو الذي استخدمته في مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار أممي بشأن وقف الحرب في بلاده.

وقال الخبراء إن البرهان لن يتردد في منح روسيا قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، إضافة إلى تمكينها من الاستحواذ على كل إنتاج البلاد من الذهب، وفق قولهم.

وكانت روسيا أفشلت في الـ 18 من نوفمبر الجاري، صدور قرار أممي من مجلس الأمن بشأن وقف الحرب بالسودان، حينما استخدمت حق النقض “الفيتو”، ليأتي ذلك تماشيًا مع رغبة البرهان الرافضة لوقف الحرب.

وقال البرهان في تصريحات إن “الفيتو الروسي” جاء بالتنسيق مع حكومته، وإن السودان لم يوافق على مشروع القرار البريطاني، “لأنه كان معيبًا ويمس السيادة السودانية ولم يلبِّ مطالب الجيش”، وفق قوله.

وأعلن البرهان بأنه لن يذهب إلى التفاوض، وأن المعركة مستمرة حتى القضاء على قوات الدعم السريع، في وقت تسيطر فيه الأخيرة فعليًا على أكثر من نصف مساحة السودان.

وعلى الرغم من أن البرهان أكد أن “الفيتو الروسي” جاء بالتنسيق معه، إلا أنه من غير المعروف حتى الآن ما المقابل الذي قدمه أو سيقدمه قائد الجيش السوداني لروسيا نظير خدمتها التي أسدتها للبرهان.

بريق الذهب

وأوضح المحلل السياسي، عمار الباقر، أن “الفيتو الروسي” لصالح البرهان لم يأت بالمجان، لأنه في عُرف العلاقات الدولية لا يوجد موقف مجاني وكل قرارات الدول العظمى مبنية على المصالح.

وقال إن الفيتو الروسي في مجلس الأمن، إذا تم بموجب تفاهم مع سلطة الأمر الواقع في السودان، فإنه من المرجح أن يكون المقابل الذي وعد به البرهان، وهو قاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر، بجانب الذهب الذي أصبحت أغلب مناطق إنتاجه تحت سيطرة الجيش.

وأشار إلى أن بناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، حُلم روسي منذ حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث وقعت موسكو وقتها اتفاقًا مع الخرطوم، لكن سقوط البشير عطل بناء القاعدة.

وأضاف أن “روسيا رغم أنها لم تحصل على القاعدة إلا أنها لا زالت تحلم بوجود سلطة هشة بالسودان تمنحها ما تريد، لتعزز وجودها اللوجستي في البحر الأحمر، وقد وجدت ضالتها في البرهان صاحب السلطة الهشة والطامح في البقاء على الكرسي، ويبحث عمن يساعده في ذلك ويحجب عنه الادانات الدولية”.

ومع ذلك يؤكد الباقر، أن البرهان لا يملك الشرعية لاتخاذ مثل هذه القرارات، ولكنه كصاحب سلطة أمر واقع يمكن أن يمنح القاعدة لروسيا، لكن متى ما جاءت حكومة شرعية ستبطل قرارات البرهان وستفقد روسيا ما حصلت عليه من امتيازات، وفق قوله.

وذكر أن روسيا تريد ايضًا الحصول على الذهب، مشيرًا إلى أن الجيش الآن يسيطر على مناطق انتاج الذهب في ولايات “نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر” وهي من أغنى المناطق، كما أن هنالك شركات روسية تعمل في تنقيب الذهب تحت حماية الجيش.

كرسي السلطة

بدوره أكد المحلل الأمني، عادل بشير أن البرهان على استعداد أن يمنح روسيا ما تريده من السودان نظير الوقوف إلى جانبه بعد اصطفاف العالم ضده في مجلس الأمن الدولي.

واتفق مع الباقر، حول رغبة روسيا في الحصول على قاعدة بحرية في السواحل السودانية على البحر الأحمر، إذ سبق أن سعت كثيرًا للحصول عليها لكن الظروف المتقلبة في السودان حالت دون تمكينها من رغبتها في بناء القاعدة العسكرية.

وذكر أن روسيا تعلم أن البرهان لا يستطيع أن يمنحها هذه القاعدة البحرية، لعدم شرعية تمثيله للسودان، حتى يتخذ مثل هذه القرارات، موضحًا أن السودان ما زالت عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي، بسبب انقلاب العسكريين على الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، قبل أن تأتي هذه الحرب لتتسبب في انهيار دستوري شامل في البلاد.

 وتابع أن “البرهان لا يتردد في بيع كل ثروات السودان من أجل البقاء في كرسي السلطة. وروسيا لا تبالي في دعمه وعرقلة خيارات الشعب السوداني مقابل الحصول على مصالحها”، على حد قوله. 

وتوقع أن يواجه البرهان مزيدًا من الرفض على مستوى العالم إذا مضى في إصراره على مقاطعة منابر التفاوض لوقف الحرب. كما يمكن أن يواجه عقوبات تطاله شخصيًا. للانتهاكات المصاحبة لاستمرار الحرب، خصوصًا القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين والبنية التحتية والمنشآت الحيوية كمصادر المياه.

وكان خبراء أشاروا إلى أن الدول المؤيدة للقرار الأممي الذي عرقلته روسيا، قد تتجه إلى تنفيذه بآليات إقليمية وأفريقية، فيما ستعمل روسيا على استقطاب دول أخرى لعرقلة الإجراءات. ما قد يجعل السودان مسرحًا للصراع الدولي والإقليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى