السودان في عين العاصفة – اغتيال اللواء أبو عبيدة واستهداف مصفاة الجيلي يفتحان أخطر فصول الحرب

لم يعد ما يحدث في السودان مجرد حرب بين جيش نظامي وقوة مسلحة متمردة، بل تحوّل إلى حرب مركّبة تستهدف الاقتصاد والقيادات العسكرية معًا. ففي الساعات الأخيرة، شهدت البلاد حدثين مفصليين: مقتل اللواء أبو عبيدة، مدير الأمن العسكري الجديد ونائب مدير الاستخبارات العسكرية، إلى جانب إصابة ثمانية من كبار الضباط، بالتوازي مع استهداف مصفاة الجيلي النفطية شمال بحري بواسطة ثماني طائرات مسيّرة.
هذه التطورات المتزامنة لم تُقرأ باعتبارها صدفة عابرة، بل كجزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى إضعاف أعمدة الدولة السودانية.
من هو اللواء أبو عبيدة؟
اللواء أبو عبيدة يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية التي برزت في السنوات الأخيرة داخل المؤسسة الأمنية. تولى مؤخرًا إدارة الأمن العسكري إلى جانب منصبه كنائب لمدير الاستخبارات العسكرية، وهو ما جعله أحد المسؤولين المباشرين عن ملفات الرصد الاستخباراتي ومكافحة الاختراقات الأمنية، خصوصًا مع تصاعد تهديدات قوات الدعم السريع.
كان يُنظر إليه كرجل المرحلة في إعادة ترتيب البيت الداخلي للأجهزة الأمنية، وموته المفاجئ يترك فراغًا استراتيجياً في لحظة حرجة من عمر الحرب.
مصفاة الجيلي: شريان الطاقة في مرمى النيران
تُعتبر مصفاة الجيلي أكبر منشأة نفطية في السودان، إذ تُغطي ما يقارب 60% من احتياجات البلاد من المشتقات البترولية. كما تُعد مصدرًا رئيسيًا لتزويد محطات الكهرباء ووسائل النقل بالوقود.
استهدافها لا يحمل أبعادًا اقتصادية فقط، بل رسالة سياسية: ضرب القدرة على توفير الحد الأدنى من الاستقرار اليومي للمواطنين.
بحسب خبراء طاقة، فإن أي توقف في المصفاة حتى لأيام معدودة سيؤدي إلى:
-
أزمة وقود حادة تعطل النقل والإمدادات.
-
انقطاع الكهرباء في عدة ولايات.
-
ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني.
لماذا هذا التوقيت؟
يرى محللون أن تزامن استهداف المصفاة مع مقتل اللواء أبو عبيدة يهدف إلى إحداث صدمة مزدوجة:
-
ضرب العصب الاقتصادي عبر المصفاة.
-
شلّ العقل الأمني عبر اغتيال أحد أهم القيادات.
بهذا، ترسل قوات الدعم السريع رسالة مفادها: الجيش ليس قادراً على حماية لا اقتصاده ولا قياداته.
أثر الضربة على الجيش
إصابة ثمانية ضباط كبار، بينهم قادة في سلاح الجو والاستخبارات، يثير القلق من تراجع قدرة الجيش على التخطيط والتنسيق. فالقيادات العليا هي العمود الفقري لعملية اتخاذ القرار، وأي فراغ في هذا المستوى يفتح الباب أمام:
-
ارتباك في إدارة المعارك الميدانية.
-
تراجع في الانضباط والروح المعنوية بين الجنود.
-
صراع داخلي محتمل حول من يخلف القيادات المفقودة.
سيناريوهات المستقبل
-
اقتصاديًا: استمرار ضرب المنشآت النفطية والكهربائية سيقود السودان إلى شلل اقتصادي ومعيشي شامل.
-
عسكريًا: خسارة القيادات تعني أن الجيش قد يدخل مرحلة نزيف داخلي طويل يصعب تعويضه سريعًا.
-
سياسيًا: الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية قد تُضعف موقفها التفاوضي إذا فُرضت تسوية سياسية في المستقبل.
حرب “كسر الأعناق”
ما يجري اليوم يؤكد أن السودان دخل مرحلة جديدة يمكن وصفها بـحرب كسر الأعناق. فاستهداف المصفاة ومقتل اللواء أبو عبيدة لم يكونا مجرد حدثين منفصلين، بل خطوة ضمن نهج استراتيجي يهدف إلى تفكيك قدرة الجيش على الصمود ماديًا ومعنويًا.
السؤال الأبرز الآن: هل يستطيع الجيش السوداني أن ينهض من هذه الضربة المزدوجة؟ أم أن البلاد دخلت بالفعل في منعطف خطير قد يعيد رسم ملامح المشهد بأكمله؟
