أحداث

السودان ساحة لتصفية النفوذ.. هل تكبح عقوبات واشنطن تمدد الإخوان وإيران؟


في خطوة أمريكية تعكس توجهًا جديدًا نحو كبح نفوذ الإسلاميين في السودان، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية أمس عقوبات على كتيبة “البراء بن مالك”، الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان في السودان، وعلى وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، متهمة إيّاهما بالتورط المباشر في الحرب الدائرة وإطالة أمد الصراع. 

وأكدت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان أنّ هذه العقوبات تهدف إلى الحد من نفوذ الإخوان داخل السودان، وكبح أنشطة إيران التي تسهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي ومعاناة المدنيين، وصرح وكيل الوزارة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون. ك. هيرلي أنّ الجماعات الإسلامية السودانية شكّلت تحالفات خطيرة مع النظام الإيراني، مؤكدًا أنّ واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي، وأنّ العقوبات تمثل أداة لحماية الأمن القومي الأمريكي.

وأشار البيان إلى أنّ تنظيم الإخوان لعب دورًا رئيسيًا في عرقلة عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، وشارك في تقويض الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة المدنيين، وعمل على إفشال الاتفاق السياسي الإطاري والجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار.

وأضاف أنّ قيادات التنظيم حافظت على علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني، وتلقّت دعمًا تقنيًا وماليًا ساعدها في تعزيز موقعها في الحرب السودانية.

جبريل إبراهيم هو وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة، وهي جماعة مسلحة دارفورية لها ارتباطات فكرية وتنظيمية مع حسن الترابي زعيم الإخوان المسلمين في السودان. 

وقد دفعت الحركة بالآلاف من مقاتليها إلى ساحات الحرب، وهو ما أدّى إلى تدمير مدن وسقوط آلاف الضحايا من المدنيين. وأشارت تقارير إلى أنّ جبريل سعى إلى تعزيز تحالفه مع طهران خلال زيارة رسمية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ممّا عزز من مخاوف واشنطن وشركائها.

أمّا كتيبة “البراء بن مالك”، فهي إحدى وحدات الدفاع الشعبي التي أسسها الإخوان في السودان خلال تسعينيات القرن الماضي إبّان حكم الرئيس السابق عمر البشير، وأعيد تفعيلها بعد اندلاع الحرب في نيسان (أبريل) 2023.

وقد أعلنت الكتيبة ولاءها للجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع، وبرزت من جديد بقيادة المصباح أبو زيد طلحة خلفًا للقيادي الإخواني المتشدد أنس عمر المعتقل لدى قوات الدعم السريع. الكتيبة تحولت سريعًا إلى قوة مؤثرة في ساحة المعركة بفضل قدرتها على تجنيد آلاف المقاتلين من خلال خطاب الاستنفار الشعبي، وأسهمت بفعالية في حماية مواقع استراتيجية منها سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم.

مصادر أمنية سودانية أكدت أنّ الهدف من إعادة إحياء هذه الكتيبة هو ضمان سيطرة قيادات الحركة الإسلامية على قرارات الجيش، ومنع أيّ تسويات سياسية قد تعيد قوى الثورة السودانية إلى الحكم. وقد استفادت الكتيبة من شبكة تمويل وتسليح غير شرعي وفرتها قيادات مدنية وعسكرية إخوانية نافذة، وهو ما مكّنها من الحصول على أسلحة نوعية من مخازن الجيش ومنظومة الصناعات الدفاعية.

وتُظهر هذه العقوبات الأمريكية توجهًا واضحًا لعزل الإخوان في السودان وتجفيف مصادر دعمهم، إلى جانب توجيه رسالة تحذير إلى إيران من مغبة استمرار تدخلها في الشأن السوداني. ويرى مراقبون أنّ الخطوة قد تشكّل ضربة قوية للحركة الإسلامية السودانية بعد أن باتت متهمة بأنّها أحد أبرز العوامل التي تعرقل جهود السلام، وأنّها تغذي الصراع الدموي الذي أرهق البلاد منذ أكثر من عامين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى