السودان بين السلطة العسكرية وهيمنة الإخوان.. كيف أصبحت دولة ميليشيات؟
سلطت وكالة (بوابة السودان) الضوء على الميليشيات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، وتركيبتها القبلية والعقائدية. والجرائم التي ترتكبها بحق المواطنين، والتمرد الذي تمارسه ضد القوات المسلحة، خاصة الميليشيات التابعة للحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين).
-
من التحالفات إلى العداء: الإخوان ودبلوماسية السودان في الميزان
-
دور الإخوان في توجيه السياسة الخارجية السودانية نحو القمع
ووفق تقرير للبوابة، فإنّ انقلاب البرهان في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021. أجهض آمال تشكيل إدارة مدنية ديمقراطية، وأعاد تأسيس الميليشيات بصورة أكثر من قبل. وبدأت هذه القوات شبه العسكرية بالتوسع مستفيدةً من الدعم المباشر وغير المباشر من الجيش.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أنّ عدد الميليشيات القبلية حالياً يصل إلى حوالي (40) ميليشيا، منتشرة في مختلف ولايات السودان، هذا بخلاف الميليشيات .والكتائب المرتبطة بالإخوان المسلمين وكتائب الظل، والتي تُعدّ الأكثر تأثيراً وخطورة.
-
هل يدفع الإخوان السودان نحو حرب أهلية شاملة؟
-
قيادية سودانية تشرح: كيف ساهمت سياسات الإخوان في انتشار خطاب العنصرية؟
وأكد مراقبون أنّ عسكرة الحياة المدنية وإنشاء ميليشيات مسلحة أسهما في إعادة السودان إلى عهود ما قبل الدولة الحديثة. وأدّيا إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وتقسيم المواطنين على أسس قبلية وعقائدية. ويرى هؤلاء أنّ هذا النهج يشكل تهديداً وجودياً لاستقرار البلاد. ويعزز الانقسامات المجتمعية التي يمكن أن تتحول إلى نزاعات طويلة الأمد.
وقدّم التقرير نموذجاً لخطر الميليشيات في تهديد الأمن والاستقرار: في 19 أيلول (سبتمبر) 2023 من العام الماضي اشتبكت قوة من الجيش مع ميليشيا تُعرف بـ “قوات تحالف شرق السودان”، وهي ميليشيا أسستها استخبارات الجيش الإخوانية في مدينة بورتسودان. وأُوكلت قيادتها لشخص غير متعلم له سوابق إجرامية جنائية في المدينة.
-
صراع النفوذ: الإخوان والحركات الإسلامية المتحالفة مع الجيش في السودان
-
الإخوان والسيطرة على النيابة العامة: التلاعب بالقضاء لخدمة أجندتها في السودان
حدث الاشتباك عندما أقامت الميليشيا نقاط تفتيش في منطقة (ديم مدينة) لابتزاز المواطنين وسائقي المركبات والشاحنات التجارية. ممّا أدى إلى حدوث اشتباك عنيف استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة، وهو ما أدى إلى ترويع المواطنين.
وفي الأسبوع الماضي، وتحديداً بتاريخ 4 تشرين الثاني (نوفمبر). أصدرت لجنة أمن محلية النهود بولاية غرب كردفان قراراً بفرض حظر التجوال من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً، مع إغلاق الأسواق والمحال التجارية. على خلفية اشتباكات دامية بين الشرطة وقوات الاحتياط، وهي ميليشيات قبلية معظم أفرادها من قبيلة (الحمر). وتدعم هذه الميليشيات الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع.
-
تصعيد جديد في السودان.. حميدتي يهاجم البرهان ويتهمه بدعم الإخوان
-
«تسونامي الوسوم» السوداني: رد شعبي يقاوم تصعيد الإخوان
وتكشف الحادثتان، وغيرهما الكثير، عن حجم الاستقلالية .التي باتت تتمتع بها الميليشيات القبلية والمناطقية، والتي أصبحت تفرض سلطتها بطرق مستقلة عن مؤسسات الدولة.
أمّا بما يتعلق بخطورة سيطرة الميليشيات الإسلامية، فقد برزت الميليشيات وكتائب الظل، وأشهرها (كتيبة البراء بن مالك)، كقوى مؤثرة تتجاوز قدرتها العسكرية قدرة الجيش الرسمي. هذه الكتائب المسلحة بأحدث الأسلحة من طائرات الدرون إلى القذائف الموجهة وأجهزة الاتصال المتقدمة، تمثل خطراً داهماً على استقرار البلاد، خاصةً أنّها تعمل بسلطة مستقلة. وتستطيع التأثير على قرارات الجيش بفضل نفوذها داخل المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات.
-
السودانيون في مواجهة الإرهاب: الإخوان يهددون بتصفية المدنيين
-
تصاعد التهديدات “الإخوانية” بتصفية المدنيين يثير ضجة في السودان
ورغم أنّ عدد هذه الميليشيات والكتائب الإسلامية غير معروف. إلا أنّ مراقبين يرون أنّها تتمتع بدور محوري في المعارك، وهو ما يجعلها تمثل تحدياً حقيقياً للجيش، الذي يظهر ضعيفاً أمامها.
ويشير بعض المراقبين إلى أنّ البرهان يعتمد على استراتيجية خطيرة تتمثل في موازنة ميليشيا بأخرى، من أجل الحفاظ على نفوذه وسط صراعات داخلية متشابكة. مؤكدين أنّ هذه الاستراتيجية تضعف الدولة وتفتح الباب أمام الفوضى. فبدلاً من بناء جيش وطني قوي يوحد البلاد. يجد البرهان نفسه محاطاً بميليشيات متناحرة، كما أنّها تضع أمن البلاد أمام تحديات غير مسبوقة. حيث تسود الفوضى والعصبيات والولاءات القبلية والدينية على حساب قوانين وسيادة الدولة الوطنية.
-
دارفور تشهد معارك شرسة: قوات الدعم السريع تتصدى لهجوم الإخوان
-
إعدامات ميدانية في السودان: الإخوان يرتكبون فظائع جديدة
هذا التحول الخطير للجيش من مؤسسة وطنية تجمع كل المكونات السودانية إلى شبكة معقدة من الميليشيات والأذرع المسلحة القبلية والعقائدية.. ينذر بعواقب وخيمة تهدد استقرار البلاد وأمن مواطنيها وتمزيق نسيجها الاجتماعي، وتحولها إلى دولة ميليشيات متفرقة فاشلة بلا سيادة.