السودان بين الحرب والتحالفات الخفية: هل يجمع قادة الجيش والإخوان؟

لم يعد خافيًا أن هناك تحالفًا ضمنيًا تشكّل عقب اندلاع الحرب في السودان، بين قيادات الجيش السوداني وحزب المؤتمر الوطني، الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان في السودان.
ومنذ انفجار النزاع المسلح بين قوات الجيش والدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، ظهر عدد من الفصائل العسكرية التي تدين بولائها للتنظيم الإخواني بالسودان، وهي تحارب إلى جانب الجيش، وتتمدد يومًا بعد يوم، دون أن تقوم قيادات الجيش بكبح نشاطها، أو تحجيم تمددها وظهورها على مسرح الأحداث.
-
البرهان يلتقي قيادات في تركيا.. هل تعود جماعة الإخوان إلى واجهة السودان؟
-
علاقة البرهان بتنظيم الإخوان: تهنئة “تحرير الخرطوم” تكشف المستور
وبجانب ذلك، تشهد الساحة السودانية نشاطًا مكثفًا لعدد من الرموز الإخوانية، وكذلك لمنصات إعلامية تابعة للتنظيم، تعمل على تحريض الشرائح المجتمعية في السودان على ضرورة الاستمرار في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وعدم الانصياع إلى أي أصوات تدعو إلى إيقافها عبر الحلول السلمية السياسية.
وطبقًا للموقف المعلن من قبل القوى المدنية الديمقراطية المناهضة لحرب السودان، فإن للتنظيم الإخواني دوافع سياسية تستهدف قطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي، عبر إغراق البلاد في فوضى أمنية شاملة، تُمهد السبل لوصول التنظيم للسلطة من جديد، وعلى حساب القوى السياسية المدنية التي تتمسك بشعارات الثورة السودانية التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين في أبريل/نيسان 2019.
-
تهنئة الإخوان للجيش السوداني.. خطوة تكشف تدخل التنظيم في تأجيج الصراع
-
دلالات تهنئة الإخوان المسلمين للجيش السوداني بتحرير الخرطوم: قراءة في الأبعاد السياسية والعسكرية
استغلال سياسي للحرب
الناطق باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة السودانية “صمود”، جعفر حسن، قال إن “حزب المؤتمر الوطني -الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في السودان- عندما أشعل هذه الحرب، فهو ينطلق من أجندة سياسية واضحة تهدف إلى تصفية الثورة السودانية، وإزاحة خصومه السياسيين من المشهد”.
وأضاف أن “حزب المؤتمر الوطني متورط الآن في تحالف مع قيادة الجيش، بغرض استغلال ظروف الحرب لتصفية حساباته السياسية مع قوى الثورة السودانية”.
-
قوات درع السودان تقلق الإخوان.. هل يقود (كيكل) مرحلة إقصاء الإسلاميين؟
-
ميليشيات الإخوان في السودان.. حجر عثرة أمام السلام وداعم خفي للحرب
وأضاف أن قيادات الجيش نفسها تطمع في ممارسة العمل السياسي، ولذلك قاموا بتعديل الوثيقة الدستورية، حيث أضافوا عددًا من الضباط العسكريين إلى مجلس السيادة، وأعطوا صلاحيات جديدة لقائد الجيش، أقروا فيها بالحكم لفترة تأسيسية لمدة 6 سنوات.
الناطق الرسمي باسم “صمود” أوضح أن حالة “التلاقي” بين عدد من قيادات الجيش وليس كامل المؤسسة العسكرية، وأجندة التنظيم الإخواني، يعود إلى الرغبة المشتركة في القضاء على الثورة السودانية ومن ثم “عسكرة” الفضاء السياسي، تمهيدًا للاستئثار بالحكم، ومن ثم إبعاد منافسيهم من قادة الأحزاب السياسية المؤمنة بمنهج التحول المدني الديمقراطي.
-
جثامين في حاوية صدئة.. أدلة جديدة على جرائم الجيش والإخوان في السودان
-
الجيش وكتائب الإخوان.. محاولة لاستنساخ وحشية داعش؟
حملات تشويه ممنهجة
وتواجه القوى المدنية السياسية انتقادات عنيفة من قبل أنصار الجيش السوداني، بسبب تمسكها بمبدأ وقف الحرب، ورفضها الانحياز لطرفٍ من أطرافها.
رئيس دائرة الإعلام في حزب “الأمة القومي”، المصباح أحمد محمد، قال إنه “منذ اندلاع الحرب، ورغم المواقف الوطنية والأخلاقية التي عبّرت عنها القوى السياسية والمدنية برفضها القاطع للحرب ودعوتها المستمرة للسلام، فإن قوى الشر التي أشعلت نار الحرب وجّهت سهام استهدافها نحو هذه القوى عبر حملات تشويه ممنهجة، وتضليل للرأي العام، وخلق صورة ذهنية سلبية حولها، كما عملت على إفشال كل المبادرات الساعية إلى إنهاء الحرب وإنقاذ البلاد من الانهيار”.
المصباح اعتبر أن “أي محاولات إقصاء القوى المدنية من أي عملية سياسية جارية أو مرتقبة، ما هي إلا تأكيد إضافي على نية تصفية الثورة وقياداتها. وإعادة إنتاج النظام البائد عبر حرب يديرها الجنرالات وكتائب الإسلامويين”.
ورفض المصباح وصف الحرب بأنها “عبثية”، قاطعًا بأنها حرب تقف وراءها “أجندة سياسية استبدادية معلومة الأهداف”.
-
الحرب في السودان.. هل تعيد الإخوان إلى المشهد السياسي؟
-
السودان.. هل تهيمن كتائب الإخوان على المشهد العسكري؟
التحكم في قيادة الجيش
أما عروة الصادق، القيادي في التحالف -المحلول حديثًا- للقوى المدنية الديمقراطية “تقدم”. فوصف طبيعة الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل/نيسان 2023 قائلًا إن “التنظيم الإخواني أعاد التسلل من جديد إلى مراكز القرار داخل المؤسسة العسكرية، متحكمًا اليوم في قيادة الجيش. وموجّهًا بوصلتها نحو خيار واحد؛ استمرار الحرب، ورفض أي تسوية تفتح الطريق أمام الانتقال المدني الديمقراطي”.
وأضاف عروة أن “إصرار قيادة الجيش، منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، على إقصاء القوى المدنية التي كانت شريكًا أصيلًا في الحكم الانتقالي، لم يكن قرارًا معزولًا أو وطنيًا. بل هو نتاج مباشر لهيمنة شبكات التنظيم الإخواني على القرار السيادي والعسكري. ورفض إجراءات الحكومة الانتقالية التي بدأت بتجريد التنظيم من مكتسباته التي انتزعها خلال ثلاثة عقود بسياسة التمكين”.
وأشار إلى أن هذا التنظيم لا يعمل فقط على تأجيج الحرب، بل يسعى بشكل حثيث لتحويل الجيش الوطني إلى كتائب قبلية وأيديولوجية لا تخضع لأي قيادة موحدة. بل تتلقى “أوامرها” من أمراء التنظيم، و”تعليماتها” من غرف “ظل” تعمل على تفكيك المؤسسة العسكرية من الداخل، وتفجير البلاد من الخارج.
-
جريمة جديدة في أم روابة: الجيش السوداني والإخوان يتورطون في انتهاك جديد
-
قبائل سودانية تحذر من خطر ميليشيات الإخوان.. كيف واجهت التهديد؟
-
صراع خفي بين الاستخبارات العسكرية والإخوان في غرب السودان.. ما التفاصيل؟
