السودان: الجيش يستفيد من طائرات مسيّرة تركية
أفادت تقارير إعلامية بأن الجيش السوداني حصل من تركيا على مسيّرات من طراز “بيرقدار”، في تطور من شأنه أن – إن صحّ – أن يمنح قوات الفريق عبدالفتاح البرهان تفوقا جويا على قوات الدعم السريع، بينما سبق أن تحدثت تقارير غربية عن حصول القوات السودانية على مسيّرات من إيران، في الوقت الذي تسعى فيه كل من أنقرة وطهران لتعزيز نفوذهما في السودان من بوابة الدعم العسكري.
ولا يبدو حصول الجيش السوداني على مسيّرات تركية أمرا مستبعدا بالنظر لارتباط تركيا تقليديا ومنذ سنوات طويلة بقيادات في الجيش عملت طويلا مع الرئيس السابق عمر البشير ولها ارتباط بالحركة الإسلامية والتيار الاخواني الذي كان مهيمنا على الحكم طيلة نحو ثلاثة عقود.
ولتركيا أيضا ارتباط وثيق بالحركة الإسلامية التي تسعى من خلال دعمها لقيادة الجيش للعودة للمشهد السياسي بقوة وهي التي تضم شخصيات بارزة كانت على ارتباط بالنظام السابق قبل عزل الجيش للرئيس عمر البشير والسيطرة على الحكم كمخرج لأسوأ أزمة في أعقاب مظاهرات حاشدة عمت البلاد.
وكشف مصدر من القوات المسلحة السودانية لموقعي “أخبار شمال أفريقيا” و”سوادن تريبون” أن طائرات “بيرقدار” التركية دخلت الخدمة لأول مرة منذ شهر، مشيرا إلى أن “نشاطها يقتصر حاليا على ولاية الخرطوم”.
وبحسب المصدر نفسه تتمتع طائرات بيرقدار بقدرات فائقة، إذ يمكنها التحليق على ارتفاع يصل إلى27 ألف قدم وبوزن إقلاع أقصى يبلغ 650 كيلوغراما، وتعتبر من أبرز المسيّرات.
وأوضح أن الجيش السوداني تمكن مؤخرا من تدمير 50 بالمئة من مدفعية قوات الدعم السريع بفضل اعتماده على طائرات البيرقدار التركية.
وكان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان قد أدى في سبتمبر/أيلول 2023 زيارة إلى أنقرة التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحثا عن دعم عسكري بعد تفاقم خسائر قواته وفقدانها السيطرة على العديد من المقارت الإستراتيجية التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
وتراهن تركيا على استغلال الصراع في السودان لتعزيز نفوذها في السودان بعد أن فتح لها الرئيس المعزول عمر البشير الطريق لذلك من بوابة التعان الاقتصادي والعسكري، من ذلك أنه فرّط لها في إدارة ميناء سواكن الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر.
وبعد سقوط نظام البشير كثفت أنقرة التي توصف بأنها “الحليف الأبرز” للإخوان جهودها لحماية مصالحها واستثماراتها في البلاد التي تمثل بوابة هامة للمصالح الجيوسياسية التركية.
وميدانيا أعلن الجيش السوداني اليوم الاثنين استعادته السيطرة على بلدة “أم القرى” شرقي ولاية الجزيرة (وسط) وقال وزير الدفاع ياسين إبراهيم ياسين إن “الجيش يتحرك على تخوم مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان (جنوب)”.
وأضاف “نأمل في استمرار العمليات العسكرية حتى فناء ودمار كل المليشيا المتمردة”. وتبعد أم القرى نحو 45 كيلو مترا من مدينة ود مدني عاصمة الولاية التي سيطرت عليها الدعم السريع في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتجددت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش بولاية الجزيرة في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على خلفية انشقاق القيادي بقوات الدعم أبوعاقلة كيكل، وهو من أبناء الولاية، وإعلان انضمامه إلى الجيش.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، سيطرت الدعم السريع بقيادة كيكل على مدن عدة في الجزيرة بينها ود مدني مركز الولاية، كما تسيطر حاليا على أجزاء واسعة من الولاية، عدا مدينة المناقل والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.
وفي سياق آخر، أعلن ناشطون سودانيين اليوم الاثنين مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين بمعسكر زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، جراء قصف مدفعي لقوات الدعم السريع.
ويعد معسكر زمزم من أكبر معسكرات النازحين في دارفور، ذات كثافة سكانية عالية، أعلنت فيه المجاعة في أغسطس/آب الماضي من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”.
وأكدت قوات الدعم في بيان اليوم الاثنين إن القوات المشتركة “الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا” تتعمد استخدام المدنيين دروعا بشرية وتحويل مساكنهم إلى ثكنات عسكرية، معتبرة أن “اتهامها بقصف معسكر زمزم محاولة رخيصة وادعاءات كاذبة”.
وقالت إن تلك الادعاءات “محاولة من القوات المشتركة للتنكر عن جرائمها واحتماء قواتها بالنازحين واتخاذهم دروعا بشرية”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش والدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.