السودان.. الاشتباكات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية واقتراب البلاد من الهاوية
اشتباكات مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، زادت من تعقيد الأوضاع الإنسانية والغذائية في العاصمة الخرطوم، وعدة ولايات أخرى.
الاشتباكات استخدم فيها الجانبان الأسلحة الثقيلة والخفيفة، فيما استمر التحليق المكثف للطيران الحربي.
وأبلغ شهود عيان باندلاع اشتباكات جديدة صباح الأحد، جنوبي العاصمة الخرطوم، في محيط “سلاح المدرعات” ما أدى زيادة معاناة سكان أحياء “جبرة” و”الشجرة” و”الصحافة” و”الرميلة”.
ووفقا لشهود عيان فإن أحياء المنطقة، ما زالت تعاني الانقطاع المستمرة لخدمات المياه والكهرباء ونقص الأدوية.
وتحاول قوات “الدعم السريع” منذ اندلاع الاشتباكات في 15 أبريل الماضي، السيطرة على “سلاح المدرعات” لأهميته الاستراتيجية في المنطقة.
وحسب الشهود فإن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة ما أدى تصاعد ألسنة اللهب والدخان من عدة مناطق بها.
وقالت المواطنة السودانية هاجر سليمان إن “مدينة بحري ما زالت تشهد معارك مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى صعوبة الحياة والحركة.”
وأضافت “نعاني من انقطاع الكهرباء والمياه والأدوية”، مشيرة إلى أن حركة النزوح خارج المدينة ما زالت مستمرة بسبب القصف المدفعي الثقيل وسماع أصوات الرصاص.
وقال شهود عيان إن مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، شهدت أيضا قصفا مدفعيا، وتبادل للنيران بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وقال المواطن السوداني عادل عبد الله، إن “مدينة أم درمان ظلت ساحة للاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.”
وأوضح عبد الله أن قوات الدعم السريع، تحاول السيطرة على سلاح المهندسين بالمدينة.
وأضاف، “نعيش أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد، جراء نقص خدمات المياه والكهرباء والأدوية”.
الموقف الميداني
وأعلن الجيش السوداني، مساء السبت، تكبيد قوات الدعم السريع عشرات القتلى، وتدمير 10 مركبات عسكرية أثناء هجومها على مواقعه في محيط “سلاح المدرعات” جنوبي الخرطوم.
وقال المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله، في تسجيل صوتي نشره حساب الجيش على موقع “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي، إن قوات الدعم السريع “حاولت مهاجمة ارتكازات الجيش في محيط سلاح المدرعات واشتبكت مع قواتنا”.
وأضاف: “استطاعت قوات الجيش دحر العدو وتكبيده خسائر كبيرة في الأرواح.. عشرات القتلى والجرحى وتدمير 10 مركبات عسكرية”.
وفي وقت سابق مساء السبت، أعلنت قوات “الدعم السريع” أنها “أحبطت محاولة لفك حصار سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم” على حد تعبيرها.
وأضافت في بيان لها أن قوات الجيش “حاولت فك الحصار المفروض عليها في محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم واصطدمت بقواتنا التي أحبطت مغامراتهم وطاردتهم إلى داخل معسكرهم، مخلفين وراءهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد والأسرى”.
وصباح السبت، تجددت اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” جنوبي وغربي العاصمة الخرطوم.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم من المدنيين، ونحو 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
قرارات جديدة
من جهة أخرى، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مساء السبت، قرارا بتكليف مدير عام قوات الشرطة الفريق خالد حسان محيي الدين، بمهام وصلاحية وزير الداخلية.
وقال بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة الانتقالي، إن البرهان أصدر قرارا بتكليف الفريق خالد حسان محيي الدين الماحي مدير عام قوات الشرطة بمهام وصلاحيات وزير الداخلية.
ووجه وزارة الداخلية والجهات ذات الصلة بوضع هذا القرار موضع التنفيذ.
وفي 15 مايو الماضي، أقال البرهان، الفريق عنان حامد محمد عمر من منصبه مديرا عاما لقوات الشرطة ووزير داخلية مكلفا، وكلف الفريق خالد حسان محيي الدين بمهام مدير عام قوات الشرطة.
نزوح مستمر
ومع اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اضطرت أسر جديدة إلى السفر خارج العاصمة الخرطوم.
وقال المواطن عباس محجوب، “اضطررت لمغادرة العاصمة الخرطوم والتوجه إلى ولاية الجزيرة (وسط) بحثا عن الأمان والاستقرار”.
وأضاف محجوب أن “الخوف سيطر على أطفالي بسبب سماع أصوات الرصاص والقصف المدفعي، لذلك قررت الخروج من الخرطوم والتوجه إلى ولاية الجزيرة باعتبارها آمنة”.
تابع قائلا “نتمنى إيقاف الصراع والعودة إلى ديارنا، ومما حياتنا الطبيعية”.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن الصراع في السودان أجبر ما يقرب من 4 ملايين شخص على الفرار من ديارهم خلال ما يزيد قليلاً عن 100 يوم من الاشتباكات.
وتعيش عدة مناطق بولايات السودان في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، أوضاعا إنسانية وغذائية معقدة جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.
وتشير أحدث البيانات الخاصة بالمنظمة إلى أن “الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أدى إلى نزوح عدد هائل من الأشخاص، حيث لجأ أكثر من 926 ألف شخص إلى الخارج، وما مجموعه 3.02 مليون نازح داخليًا”.
أزمة الغذاء
الخطر الحقيقي للأزمة المعقدة التي تشهدها البلاد امتد ليشمل الموسم الزراعي بسبب نقص الوقود والأيدي العاملة، الأمر الذي يؤدي إلى أزمة غذاء حادة في البلاد التي مزقتها الاشتباكات.
وقال المزارع عبد الفتاح يوسف إن “الموسم الزراعي فشل تماما بسبب تأخر البنوك في التمويل، خاصة وأن تلك البنوك تعرضت للنهب والسرقة منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل الماضي”.
وأضاف يوسف أن “المشكلة الكبيرة تتمثل في الحصول على البذور مع بداية هطول الأمطار وبدء الموسم الزراعي، كما تواجهنا أيضا أزمة عدم توفر الأسمدة والوقود”.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، إن أكثر من 20 مليون شخص بالسودان يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وقالت المنظمة في أحدث تقرير حول آخر توقعات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بالفترة بين يوليو/ تموز وسبتمبر 2023 إنه: “يعاني أكثر من 20.3 مليون شخص، يمثلون أكثر من 42 % من سكان السودان، من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وحذرت المنظمة من أزمة الغذاء المتصاعدة في السودان، قائلة إنه “في ظل استمرار النزاع والتدهور الاقتصادي في البلاد، هناك حاجة ماسة إلى دعم إنساني عاجل ومكثف للمجتمعات الريفية”.
وفي السودان، ما يزيد على 175 مليون فدان (الفدان يساوي 4200 متر مربع) من الأراضي الصالحة للزراعة، وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية.
كذلك، في السودان مساحات من الغابات والمناطق الصالحة للرعي، بواقع 52 مليون فدان، وأزيد من 400 مليار متر مكعب معدل هطول الأمطار سنويا.
ويُشكل القطاع الزراعي ميداناً مفتوحاً لاستقطاب الأيدي العاملة والتخفيف من نسبة البطالة؛ فيما تمثل إيرادات القطاع الزراعي ما نسبته 48 % من الناتج المحلي الإجمالي للسودان.