السودان: اتهامات بين طرفي النزاع تهدد بتعثر «مفاوضات جدة»
علقت الوساطة الأمريكية السعودية الجولة الحالية من مفاوضات فرقاء السودان.
وقالت المصادر إن الوساطة علقت ليل الأحد المفاوضات إلى أجل غير مُسمى، على أن يغادر الوفدان لإجراء مشاورات مع القيادة بعد إخفاق الأطراف في تنفيذ إجراءات بناء الثقة، وإنهاء الوجود العسكري في المدن الرئيسية.
وعلقت السعودية والولايات المتحدة في أوائل يونيو/حزيران محادثات سابقة بين الجانبين السودانيين في جدة بعد انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار.
ومع انسداد الأفق السياسي يخشى مراقبون من اتساع رقعة القتال وضراوته في ظل تردي الأوضاع الإنسانية في البلاد.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا مريرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع“، خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن الجولة الثانية من مفاوضات جدة بدأت ببندين اثنين، هما المساعدات الإنسانية، وبناء الثقة بين الطرفين، ومنذ بداية الجولة حاول وفد الجيش السوداني إغراق منبر جدة بعناصر تنتمي إلى النظام القديم، وهما السفير عمر صديق، والعميد في جهاز المخابرات العامة صلاح المبارك، الذي يتولى إدارة العون الإنساني.
وحسب المصادر، فإن وفد الدعم السريع رفض بشكل قاطع وجود عمر صديق وصلاح المبارك، وتمسك بموقفه، ما أدى إلى تأخر انطلاق الجولة لمدة 3 أيام، بعدها اضطر وفد الجيش إلى إبعاد الشخصين وتجريدهما من مناصبهما والإبقاء عليهما كخبراء من خارج قاعة التفاوض.
وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وقع الطرفان، وفقا للمصادر، على التزامات توصيل المساعدات الإنسانية وإجراءات بناء الثقة التي تشمل 4 بنود أساسية، أهمها القبض على “الإسلاميين” الفارين من السجون ومشعلي الحرب.
وأكدت المصادر أن وفد الجيش التزم أمام المسهلين بتنفيذ إجراءات بناء الثقة، وتم تحديد مدة 10 أيام للقبض على المطلوبين، وأن وفد الدعم السريع سلم قائمة بأسماء المطلوب القبض عليهم في اليوم الثاني، لكن وفد الجيش طلب مهلة لمدة 5 أيام، دون تنفيذ أوامر القبض.
وأشارت المصادر إلى أن وفد الجيش السوداني طلب مُهلة إضافية، والاتفاق على تمديد الفترة إلى 10 أيام أخرى دون الالتزام بما تم الاتفاق عليه.
وفيما يتعلق بالشأن الإنساني رفض وفد الجيش السوداني، حسب المصادر، دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب في ولايات دارفور والخرطوم وكردفان والنيل الأبيض، وأن الوفد رفض أيضا فتح مطارات نيالا والجنينة والفاشر (غربي السودان) للأغراض الإنسانية، وتمسك بإيصال المساعدات عبر مطار بورتسودان (شرقي السودان) فقط.
وقال البرهان في خطاب أثناء زيارة قصيرة إلى مقر الفرقة الأولى مشاة بمدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة (وسط)، (ليل الأحد)، “ذهبنا للتفاوض بقلب مفتوح من أجل الوصول لسلام، لكن مفاوضات لا تلبي رغبة الشعب السوداني لن تكون مقبولة، مفاوضات ليس فيها خروج من مناطق القتال لن تكون مقبولة أبدا”.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت الرياض استئناف المحادثات بين طرفي النزاع في مدينة جدة برعاية سعودية أمريكية، لبحث الوصول لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.
وكانت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش و”الدعم السريع” في جدة أسفرت في مايو/أيار الماضي عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وشروطا حاكمة تطبق فورا، قبل أن تعلق المحادثات في يونيو/حزيران الفائت بسبب “الانتهاكات الجسيمة والمتكررة” لوقف إطلاق النار.
تهديدات جديدة
عبدالفتاح البرهان رحَّب أيضا بقرار مجلس الأمن الدولي الذي أنهى بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، لكنه حذر في الوقت نفسه المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، مما سماه “مصير سابقيه”، حال اصطفافه مع طرف من أطراف الصراع.
واستدرك البرهان “نحن لا نرفض العمل مع الأمم المتحدة، لكنا نشترط بعثة محايدة تساعدنا في إعادة الأمن والاستقرار في السودان.. أي بعثة أو أي مندوب يأتي للسودان ويحاول اصطفاء فئة والاصطفاف مع فئة حتماً لن يكون مقبولا”.
وأضاف: “نرحب بالمبعوث الجديد للأمين العام، ونقول له قبل أن تأتي للسودان، أعرف أنك تأتي لإعانة كل السودانيين، وليس لإعانة فئة محددة، أو مجموعة محددة، فإذا وقفت في صف أحد ضد الآخرين فسيكون مصيرك مصير من سبقك”.
وفي يناير/كانون الثاني 2020 خلال تقلده منصبه رئيسا للوزراء في السودان طلب حمدوك من الأمم المتحدة تكوين بعثة سياسية تحت الفصل السادس، لمساعدة الحكومة الانتقالية في عملية التحول الديمقراطي ودعم عملية السلام، مع الجماعات المسلحة وإعادة توطين النازحين.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت الحكومة السودانية رسميا إنهاء تفويض البعثة الأممية، بعد نحو 8 أسابيع من إعلان فولكر بيرتس استقالته من رئاسة البعثة.