أحداث

السلطة بالبندقية.. لا رؤية سياسية ولا خارطة للخروج من الأزمة


في تصعيد وصفه مراقبون بـ”الانتحاري سياسيًا”، أصدر مجلس الأمن والدفاع السوداني بيانًا يهدد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة ويتهمها بالتدخل في الشأن الداخلي السوداني، متوعدًا بـ”الرد في الزمان والمكان المناسبين”. هذا البيان لم يكن فقط خاليًا من المسؤولية، بل يُعتبر – بكل المقاييس – إعلانًا لحرب إقليمية مفتوحة لا يملك السودان أدواتها ولا يتحمل تبعاتها.

بيان مجلس الدفاع: محاولة يائسة لتصدير الفشل الداخلي

البيان الصادر عن مجلس الأمن والدفاع السوداني لا يمكن قراءته إلا في إطار الهروب من الفشل العسكري والسياسي المتفاقم للقيادة الحالية. فالجيش الذي عجز عن تأمين العاصمة، وتسبب في تهجير ملايين السودانيين، يحاول اليوم أن يغطي على إخفاقاته بتوجيه الاتهامات للخارج.

وليس من قبيل الصدفة أن يأتي هذا البيان في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية ضد الجيش بسبب المجازر المتواصلة، وتزايد الاتهامات الدولية باستخدام الطيران الحربي ضد المدنيين. يبدو أن مجلس الأمن والدفاع لا يدرك أن استعداء الإمارات، الدولة الخليجية المحورية التي تتمتع بتحالفات واسعة، يعني فعليًا استعداء مجلس التعاون الخليجي بأكمله، وقطع شعرة معاوية مع واشنطن والعواصم الغربية.

القرار ليس من البرهان… بل من علي كرتي

ما يزيد من خطورة هذا التصعيد أن القرار لم يكن صادرًا عن مؤسسة سيادية حقيقية، بل جاء نتيجة إملاءات من قيادات الحركة الإسلامية التي أعادت السيطرة على مفاصل القرار العسكري في الخرطوم، وعلى رأسهم الأمين العام لتنظيم الإخوان في السودان، علي كرتي.

علي كرتي، الذي عاد إلى المشهد من بوابة “لجنة التنسيق مع الجيش”، هو من يقود المرحلة فعليًا، مستخدمًا البرهان، كواجهة عسكرية لأجندات الإسلاميين القديمة – الجديدة. ولا يخفى على أحد أن مثل هذه القرارات هي امتداد لسياسة العداء الإخواني للإمارات، التي دعمت التحولات الديمقراطية ووقفت ضد مشاريع الإسلام السياسي التخريبية في السودان والمنطقة.

إلى أين يقود البرهان السودان؟

بدل أن ينخرط البرهان في عملية سياسية حقيقية تنقذ البلاد من الانهيار، يفتح معارك خارجية لن يربحها، ويجر السودان إلى عزلة إقليمية ودولية خانقة. وهذا الإعلان الأخير ليس سوى بداية لانهيار أكبر، سياسيًا واقتصاديًا، لن ينجو منه أحد، لا في بورتسودان ولا في معاقل الإسلاميين.

السودانيون اليوم أمام مرحلة خطيرة: إما الاستسلام لحكم العسكر المدعوم من الإخوان، أو التكاتف لإسقاط مشروع الحرب والتخريب الذي يقوده البرهان ومن خلفه علي كرتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى