أحداث

الدعم السريع يشكل “إدارة مدنية” في الخرطوم: سلطة موازية أم محاولة لملء الفراغ؟


خطوة لافتة أقدمت عليها قوات «الدعم السريع» في السودان، بتشكيلها «إدارة مدنية» في العاصمة السودانية الخرطوم.

تلك الإدارة المدنية اختير لها رئيس، وستكون بمثابة جهاز تنفيذي يراقبه “مجلس تأسيسي” مدني، فيما يُشبه ثنائية الحكومة والبرلمان.

وفيما رأى خبراء أن الهدف هو «استعادة أجهزة الدولة التي انهارت»، اعتبر آخرون أن تلك الإدارة بمثابة «مؤسسات موازية».

وتتصاعد وتيرة القتال في أكثر من جبهة في السودان، وفي العاصمة تسيطر قوات “الدعم السريع” على أجزاء واسعة من أحياء مدينتي الخرطوم وبحري، وبشكل أقل في أم درمان غربا، بينما يوجد الجيش السوداني في مقراته العسكرية ويشن منها هجمات ثم يعود إليها.

الإدارة المدنية

ولدى قوات «الدعم السريع» إدارات مدنية في ولايات جنوب وشرق وغرب ووسط دارفور، بالإضافة إلى الجزيرة وغرب كردفان، وهي تسيطر على عواصم هذه الولايات.

وتستند قوات «الدعم السريع»، في قرارها بتأسيس «إدارات مدنية بمناطق سيطرتها»، على البند 5 في إعلان أديس أبابا الذي وقعته في يناير/كانون الثاني الماضي مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الذي ينص على تشكيل هذه الإدارات بتوافق أهل المناطق المتأثرة بالحرب، على أن تتولى مهمة ضمان عودة الحياة إلى طبيعتها وتوفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين.

وقالت قوات «الدعم السريع» في بيان صادر عنها إن «مجلس التأسيس المدني بولاية الخرطوم انتخب في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل رئيسا للمجلس، وعبداللطيف الأمين الحسن رئيسا للإدارة المدنية بالولاية».

وتشكل مجلس التأسيس المدني قبل أشهر، ويضم في عضويته 90 شخصا يمثلون مناطق الخرطوم الثلاث.

وأوضحت قوات «الدعم السريع» أنه وفقا لوثيقة تأسيس الإدارة المدنية بولاية الخرطوم، فإن «مجلس التأسيس المدني» هو الجهاز التشريعي الذي يصدر التشريعات ويراقب أداء الجهاز التنفيذي الذي يقوده رئيس الإدارة المدنية.

ضرورة أم خطر؟

قال الكاتب والمحلل السياسي الطاهر أبوبكر إن الإدارة المدنية عادة ما تتولى تقديم الخدمات الأساسية وحماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، واستعادة أجهزة الدولة التي انهارت بسبب الحرب، منذ ما يقرب من عامين.

وأوضح أبوبكر أن الوضع ينذر بالخطر، ويمثل كارثة في المستقبل حال عدم استشعار المسؤولية الوطنية تجاه المدنيين المتأثرين بالحرب.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي عباس محمد إبراهيم إن «تشكيل الإدارات المدنية يعكس استراتيجية الدعم السريع لتحويل نفوذها العسكري إلى سلطة إدارية موازية، مستغلة فراغ الدولة وتراجع أداء الحكومة المركزية».

وأضاف إبراهيم أنه «رغم فشل التجربة في ولاية الجزيرة نتيجة التركيبة السكانية والسياسية، فإنها حققت نجاحات نسبية في دارفور»، مشيرا إلى أن ذلك «النجاح النسبي لا يعني أنها وصفه سحرية للحل، بل على العكس، كونها خطوة قد تمثل إدارات موازية، بما يشكل خطرا على وحدة السودان واستقراره».

واعتبر المحلل السياسي أن تلك الإدارة «تعزز حالة الانقسام وتؤسس لقوى أمر واقع قد يصعب دمجها مستقبلا، ومع تمسك (قائد الجيش عبدالفتاح) البرهان بخيار الحرب دون غيره، تظل هذه التحركات تهدد أي فرص لإعادة بناء الدولة».

فهل هناك فرص لحل تفاوضي؟

بحسب المحلل السياسي فإن «الحل التفاوضي يجب أن يظل خيار الطرفين الحتمي، وبدلا من الاستمرار في نهج التصعيد العسكري الذي يفاقم الأزمة الإنسانية، عليهما مراجعات خياراتهما التفاوضية، والعودة إلى منبر جدة، الذي يتيح وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة، تُعيد الأمل في إحياء مسار انتقالي يحقق الاستقرار في السودان».

وأكد أن هذا الحل «يتطلب إرادة سياسية من الأطراف المتنازعة، ودعما دوليا لضمان نجاحه»، مطالبا الجيش وقائده عبدالفتاح البرهان بـ«مراجعة حساباته، لأن تجربة المراهنة على الإسلاميين (إخوان السودان) نتيجتها كافية للتعلم والتدبر».

وزاد «وقف الحرب وتعزيز الحلول السلمية يمثلان حجر الأساس لأي انتقال ديمقراطي مستدام، بعيدا عن سيناريوهات التقسيم أو الصراع طويل الأمد الذي سيؤدي فقط إلى تعميق المعاناة».

اشتعال جبهة دارفور

ميدانيا، أفادت مصادر عسكرية باندلاع مواجهات شرسة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.

ووفق المصادر العسكرية فإن القصف المدفعي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى داخل الأحياء السكنية بالمدينة، بعدما تجددت الاشتباكات المباشرة بين الطرفين اليوم السبت، في المحورين الشرقي والغربي، بعد محاولة مجموعة كبيرة من عناصر قوات الدعم السريع التوغل لعمق الفاشر.

 

وأعلن الجيش السوداني إسقاط نحو 20 طائرة مسيرة أطلقتها قوات “الدعم السريع” لمهاجمة مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة وتمركزات القوة المشتركة، بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وقالت قيادة الفرقة السادسة مشاة، في بيان إن “المضادات الأرضية أسقطت 16 مسيرة حاولت استهداف تجمعات المواطنين ومواقع عسكرية في المحورين الغربي والشمالي”، فيما أوضحت مصادر عسكرية أن الجيش أسقط أيضا نحو 5 مسيرات داخل مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة.

وأكدت المصادر العسكرية أن الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” تبادلا القصف المدفعي، فقصفت قوات الدعم السريع بشكل مكثف “سوق المواشي” والأحياء الجنوبية، ما أوقع عددا كبيرا من الضحايا، ليرد الجيش بقصف مماثل من قاعدته غرب المدينة نحو مواقع انتشار الدعم السريع في الجزء الشرقي من الفاشر.

ونوهت المصادر إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني واصل قصفه الجوي لأهداف ثابتة ومتحركة لقوات “الدعم السريع” في المحور الشرقي، ما نتج عنه دوي انفجارات قوية وتصاعد لأعمدة الدخان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى