أحداث

الدعم السريع يسيطر على المالحة.. تحوّل استراتيجي في صراع السودان


تمكنت قوات الدعم السريع من إحكام سيطرتها على منطقة المالحة بولاية شمال دارفور في تطور عسكري لافت، بعد معارك ضارية مع الجيش السوداني والميليشيات الموالية له. 

وجاءت السيطرة على المالحة بعد هجوم منسق من ثلاثة محاور، بمشاركة مئات المركبات القتالية، حيث نجحت قوات الدعم السريع في اقتحام تحصينات الجيش، والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، إلى جانب تحرير عدد من المحتجزين. 

والسيطرة على المالحة، التي أعلن عنها أمس السبت، إثر مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني والميليشيات الموالية له، جاء بعد اقتحامها من 3 محاور، بمشاركة 700 عربة قتالية، لتنشر قوات الدعم ارتكازاتها داخل المدينة بعد ساعات من السيطرة عليها، وتصدّ محاولات الجيش لاستعادتها. 

وتمثل هذه الخطوة تحولا استراتيجيا في المشهد العسكري، إذ إن المالحة الواقعة عند تقاطع طرق حيوية تربط شمال السودان بغربه، تعد نقطة ارتكاز أساسية نظرًا لموقعها الاستراتيجي، حيث تُعد ملتقى طرق بين الدبة شمالًا، وحمرة الشيخ بشمال كردفان شرقًا، والفاشر جنوبًا وكانت معقلا سابقا للجيش والميليشيات المتحالفة معه.

ويرى محللون عسكريون أن هذا التقدم يمنح قوات الدعم السريع اليد العليا في تحركاتها القادمة، إذ يعزز وصولها إلى طرق الإمداد ويضعف قدرة الجيش على إعادة التموضع في المنطقة.

 وتقع مدينة المالحة على بعد 210 كيلومترات من الجهة الشمالية لمدينة الفاشر وهي مجاورة للحدود الليبية السودانية، كما تعتبر منطقة شبه صحراوية ذات وديان وسلسلة من الجبال في الجهة الشمالية من الحدود الليبية السودانية.

وبالسيطرة عليها، وفق المراقبين فإن “قوات الدعم السريع حققت خرقًا مهمًا في الخريطة العسكرية للصراع المستمر منذ عامين، إذ إن التمركز في المدينة الاستراتيجية يعني السيطرة على الطرق المؤدية إلى ليبيا، والتي تستخدمها الميليشيات لتهريب ونقل الجنود والمعدات العسكرية”. 

وأضافوا: “كما تتضمّن المكاسب العسكرية، تمكين قوات الدعم السريع من الحصول على إمدادات السلاح والوقود والمواد الغذائية والمؤن عبر ليبيا، والأكثر أهمية قدرتها الآن على قطع أي إمدادات متجهة إلى الفاشر من مدينة الدبة، وبذلك تقترب قوات الدعم السريع من شمال السودان ومن منطقة الدبة تحديدًا، والتي تعتبر مركزًا لحشد القوات المشتركة”.

قيمة استراتيجية 

وفي قراءة أكثر عمقًا للقيمة الاستراتيجية لمحلية المالحة، فإن السيطرة على المنطقة يعني انفتاح قوات الدعم السريع شمالًا والهجوم على شمال السودان، والدبة، وشندي، ودنقلا وغيرها، وهو أمر مهم لنقل ثقل الصراع والحرب إلى منطقة جديدة والتخفيف من تركيز الجيش وميليشياته على الخرطوم والوسط. 

ووفق خبراء، يجب أن تحافظ قوات الدعم السريع على زمام المبادرة والعودة كذلك إلى التكتيكات الهجومية التي تجيدها، خاصة أن تحرير المالحة مثّل ضربة قوية ومفاجئة وموجعة للجيش السوداني وميليشياته.

كما يعد التقدم العسكري الجديد لقوات الدعم السريع نصرًا استراتيجيًا ذا مغزى وقيمة عالية، في معركة هجومية، تحاكي ما قدمته القوات في بداية الحرب في نيسان 2023، خاصة الهجمات المباغتة وتكتيكات الالتفاف السريع.

  وفي تصريحات لوسائل إعلام سودانية، أكد قائد ميداني في قوات الدعم السريع أن “تحرير المالحة ليس فقط انتصارًا عسكريًا، إنما هو فقدان الميليشيات لأهم المعسكرات المحصّنة وسط الجبال”.

وأضاف القائد الميداني، واسمه عبد الرحمن علي، والذي شارك في معارك تحرير المالحة، أن “السيطرة على المنطقة تشكل تحولًا استراتيجيًا سيقلب موازين القوى، ويعزل الحركات المسلحة عن الفرقة السادسة المحاصرة من قبل الدعم السريع“.

وكانت وسائل إعلام سودانية وصفحات موثوقة على مواقع التواصل، نشرت عشرات الفيديوهات التي تظهر عددًا من المركبات التابعة لمقاتلي قوات الدعم السريع وهي تتجاوز الخنادق الدفاعية حول القاعدة العسكرية بمدينة المالحة، إضافة إلى المركبات والمدرعات العسكرية التابعة للجيش والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه، والتي اغتنمها مقاتلو قوات الدعم السريع.

كما تمكنت قوات الدعم السريع من إطلاق سراح أسرى مدنيين بينهم نساء وأطفال في مدينة المالحة، كانوا محتجزين في ظروف بالغة السوء من قبل الجيش وميليشياته.

 وبحسب وسائل إعلام سودانية، فقط ظهرت على الأسرى علامات تعذيب وحروق شديدة، والإعياء بسبب التجويع.

وكشف عناصر من قوات الدعم السريع بعد سيطرتهم التامة على المدينة، عن معتقلات شبيهة بـ “بيوت الأشباح” التي أنشأتها الحركة الإسلامية لسجن وتعذيب خصومها من السياسيين والمدنيين إضافة إلى المسلحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى