أحداث

«الحل الأممي» يلوح في الأفق: هل ينقذ السودان عبر تدخل قوات دولية؟


خطوة جديدة ألمحت إليها الولايات المتحدة، في سبيل إنهاء النزاع في السودان، تتضمن نشر قوات لحماية المدنيين، في أعقاب تعثر مفاوضات الحل.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو، خلال لقاء إعلامي في العاصمة الكينية نيروبي ليل الأربعاء، “فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان”.

جاء ذلك بعد عام كامل من اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي رافقت القتال العنيف بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في السودان.

وكانت البعثة الدولية أصدرت مؤخرا تقريرها الأول المؤلف من 19 صفحة بعد تحقيقات ومقابلات أجراها الفريق في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2024، وشمل شهادات مباشرة مع نحو 182 من الناجين وأفراد أسرهم وشهود عيان، ومشاورات مستفيضة مع الخبراء وأعضاء المجتمع المدني.

التقرير أوصى بفرض حظر على توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.

وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ومع بلوغ الحرب ذروتها وتوسعها لتشمل 14 ولاية من أصل 18، وانسداد أفق الحل السلمي، هل يمهد المبعوث الأمريكي الخاص لتدخل دولي تحت مظلة أممية في السودان؟

انتهاكات بحق المدنيين

بالنسبة إلى الخبير القانوني معز حضرة فإن “التدخل الدولي آخر الأشياء التي يلجأ إليها المجتمع الدولي عندما تسوء الحالة وتزداد انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين”، قبل أن يضيف “ثبت من خلال التقارير الأممية وبالذات من خلال تقرير لجنة تقصي الحقائق أن أطراف الحرب تقوم انتهاكات واضحة ضد المدنيين وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

وتابع حضرة “يبدو أن المجتمع الدولي الآن قد نفد صبره وهذه هي مسؤوليته المتمثلة في حماية المدنيين، وليس تدخلا استعماريا أو لنهب الموارد والثروات كما تروج لذلك غرف كتائب الإسلاميين الإعلامية، وهو أمر مطلوب ومرغوب، وليس بشيء غريب ويحدث في كل العالم الذي يشهد مثل هذه الانتهاكات”.

وأضاف “المجتمع الدولي عليه التدخل لحماية المدنيين وهو شيء طبيعي وفقا لمواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والسودان باعتباره عضوا في المجتمع الدولي يجب عليه التدخل لحماية المدنيين المهددين بالموت قتلا جوعا أو مرضا”.

تهديد

من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، أنور سليمان، “هذا مجرد تمهيد لما يمكن أن يحدث على المدى المتوسط أو حتى البعيد، وتهديد أو تلويح بالعصا لأطراف الصراع أو على الأقل للطرف الذي يرفض الحلول السياسية”.

وأضاف سليمان : “لأن المنظمة الأممية والإقليمية كذلك الاتحاد الأفريقي لا يتدخلان عسكريا بقوة فرض سلام أو حماية المدنيين إلا بموافقة الحكومات المعنية (حكومة بورتسودان في هذه الحالة) كما حدث في حالتي بعثتي (يونيتامس) و(يوناميد)”.

وتابع “أما التدخل بما يتعدى مفهوم السيادة الوطنية (اعتبار الحكومة القائمة غير مسؤولة) كما حدث في البلقان، فهذا يتم في الغالب بإرادة دولية منفردة لأنه يشبه الاستثناء في القانون الدولي، وتقوم به دولة أو مجموعة دول عبر فرض إرادة عسكرية تم إخطار مجلس الأمن بأنها تدخلت لحفظ الأمن والسلم الدوليين”.

ومضى قائلا: “لذا أقول إن هذا التوجه تمهيد لخيار متاح بعد الانتخابات الأمريكية القادمة في حال فوز مرشحة الحزب الديمقراطي فقط (كمالا هاريس)، لأن مرشح الحزب الجمهوري (دونالد ترامب) قد تكون لإدارته أفكار وأولويات مختلفة”.

صعوبات التدخل الدولي

من جهتها، تقول رئيسة تحرير صحيفة “التغيير” السودانية رشا عوض “أعتقد أن التدخل الدولي بصورة عملية الآن أمامه صعوبات، فهو مكلف جدا من الناحية المادية، فضلا عن تعقيد المشهد العسكري وغياب أي مشروع ولو لهدنة مؤقتة ناهيك عن وقف إطلاق نار”.

وأضافت رشا “هذا معناه أن التدخل لحماية المدنيين يحتاج إلى قوات كبيرة ومدربة، كما يحتاج إلى قرارات تحت الفصل السابع لفرض إرادة المجتمع الدولي على الأطراف المتقاتلة”.

وتابعت “أعتقد أن الحاجة للتدخل فرضتها احتمالات سقوط الفاشر (عاصمة ولاية شمال دارفور) وتكرار مذابح دارفور في 2003 وما بعدها، أما قوات الاتحاد الأفريقي الشبيهة ببعثة (يوناميد) فهي عديمة الجدوى في حماية المدنيين، وأفضل عدم تكرار هذه التجربة الفاشلة”.

ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى