تسريبات

الحركات المسلحة والجيش في السودان: أدوات نفوذ أم ميليشيات بلا ولاء؟


شهدت الساحة السودانية توترات ملحوظة بين الجيش والحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا لعام 2020، وذلك في ظل الصراع الدائر بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. هذه الحركات، التي احتفظت بقواتها ولم تدمجها في الجيش وفقًا للاتفاق. اتخذت موقف الحياد من النزاع الحالي، مما أثار انتقادات من بعض قيادات الجيش.

في خطوة تعكس تحولًا في استراتيجية الجيش، أصدر رئيس هيئة الأركان في السابع من مارس 2025 قرارًا بوقف عمليات التجنيد لصالح الحركات المسلحة المتحالفة معه. وحصر التجنيد على القوات المسلحة فقط. هذا القرار قد يؤثر على قدرة هذه الحركات في تأمين الموارد البشرية اللازمة لعملياتها المستقبلية.

ردًا على انتقادات الجيش لموقفها المحايد، أكدت الحركات المسلحة أن الحرب الحالية هي بين شركاء السلطة السابقين. وأنها لن تشارك في صراع لا يخدم مصلحة البلاد. كما أشارت إلى دورها في تأمين المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، منتقدة تقاعس الجيش في بعض المناطق، مثل مدينة الجنينة. حيث تعرض المدنيون لانتهاكات دون تدخل فعّال من القوات المسلحة.

هذه التطورات تشير إلى تعقيدات المشهد السوداني. حيث تسعى كل جهة لتحقيق مصالحها وسط صراع متعدد الأطراف، مما يزيد من تحديات تحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلاد.

شهدت الساحة السودانية تعقيدات مستمرة في العلاقة بين الجيش والحركات المسلحة. والتي غالبًا ما يُنظر إليها كميليشيات ذات ولاءات متغيرة يمكن التأثير عليها بالمال. هذه النظرة تستند إلى تجارب سابقة وحالية تُظهر أن بعض هذه الحركات تفتقر إلى المبادئ الواضحة، مما يجعلها عرضة للتأثر بالمصالح المالية والسياسية.

بيع الرتب العسكرية وتجنيد الميليشيات

في السنوات الأخيرة، ظهرت تقارير تشير إلى انتشار ظاهرة بيع الرتب العسكرية والبطاقات التعريفية لبعض الميليشيات. على سبيل المثال، نُشرت صور لبطاقات أفراد يُزعم أنهم شاركوا في قمع التظاهرات المناهضة للانقلاب في أكتوبر 2021. كما أُفيد بأن بعض الحركات المسلحة قامت بتجنيد أفراد جدد لتعزيز موقفها في الترتيبات الأمنية، مما يشير إلى أن الدوافع المالية قد تلعب دورًا في هذه العمليات.

تأثير النفوذ السياسي على العلاقة بين الجيش والميليشيات

العلاقة بين الجيش والميليشيات في السودان تأثرت بشكل كبير بالنفوذ السياسي. ففي عهد النظام السابق، تم تأسيس ميليشيات مثل “الجنجويد” لدعم القوات المسلحة في مهام محددة، ولكنها استُخدمت لاحقًا لحماية النظام وقمع المعارضة. هذا الاستخدام السياسي للميليشيات أدى إلى تعزيز فكرة إمكانية التأثير عليها وتغيير ولاءاتها بالمال والمناصب.

تعكس هذه التطورات تحديات كبيرة تواجه السودان في سعيه لبناء جيش وطني موحد ومهني. إن استمرار التعامل مع الحركات المسلحة كميليشيات يمكن شراؤها. والتأثير عليها بالمال يهدد استقرار البلاد ويعوق تحقيق السلام الدائم. لذلك، يجب التركيز على تنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها، والعمل على دمج هذه الحركات في الجيش الوطني وفق معايير مهنية واضحة. لضمان ولائها للوطن بعيدًا عن المصالح الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى