أحداث

الجيش السوداني يدخل “سنجة”.. مخاوف متزايدة بشأن سلامة المدنيين


أعلن الجيش السوداني دخوله مدينة سنجة بولاية سنار، وذلك عقب انسحاب قوات الدعم السريع، وسط مخاوف من ارتكاب الميليشيات المتعاونة مع الجيش مجازر بحق المدنيين بذريعة التعاون مع “الدعم السريع”، على غرار ما حدث في الدندر وقرى شرق سنار.

وبينما أعلنت قوات الدعم السريع، أن خروجها من مدينة “سنجة” انسحاب تكتيكي وفق خطة عملياتية، ابتهج الجيش السوداني لدخول المدينة مصورًا ذلك بأنه نصر تحقق بعد معارك ضارية.

وفور إعلان الجيش سيطرته على مدينة سنجة، نشرت ميليشيات النظام السابق مثل “كتائب البراء بن مالك” مقاطع فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تقول إنها بدأت تمشيط أحياء المدينة، ما يعني أنها بدأت حملاتها الانتقامية ضد المواطنين الذين لم ينزحوا من منازلهم.

ويرى مراقبون أن انسحاب قوات الدعم السريع من مدينة سنجة، قد يكون ضمن خطة عسكرية لمهاجمة منطقة النيل الأزرق التي تعد إستراتيجية لأنها تطل على حدود دولتين، عكس ولاية سنار الوسطية.

من جهته قال المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق، إن “من يفرح ويصور دخول الجيش إلى سنجة ويعتبره انتصارا فهو واهم”.

وأضاف في تدوينة على منصة “إكس” أنه “في إطار تنفيذ الخطة (ب) التي أعلنها قائد الدعم السريع في وقت سابق، هناك الكثير من الخطط العملياتية والتكتيكات وضعتها القيادة وغرفة العمليات والسيطرة، قد تفاجئ قادة الجيش والكتائب الإرهابية في الأيام القادمة، وسوف تكون حاسمة وموجعة”، وفق قوله.

هدف قادم

ورأى المحلل الأمني، عادل بشير، أن الانسحاب التكتيكي لقوات الدعم السريع من سنجة جاء لأن البقاء في المدينة لم يعد من المُجدي لها، بعد سيطرة الجيش على منطقة جبل موية الإستراتيجية التي تربط سنار والجزيرة وكانت تجعل خطوط الإمداد مفتوحة.

وقال إن انسحاب قوات الدعم السريع من سنجة جنوبًا يجعل وجهتها القادمة مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، لأجل فتح خطوط إمداد جديدة مع دولتي جنوب السودان وإثيوبيا، مبينًا أن ذلك يجعلها في وضعية أفضل ويمكن أن تبسط سيطرتها على كامل الحدود الشرقية للسودان.

وأضاف أن “قوات الدعم السريع في ولاية سنار والنيل الأزرق، قوامها السكان المحليين المتواجدين هناك قبل تأسيس السودان الحديث، وهم عبارة عن قبائل لها امتدادات حتى جنوب السودان وإثيوبيا، لذلك متوقع أنهم سيبقون في مواقعهم ويتحركون في هذه المناطق إلى حين”.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع كذلك متوقع أن تهاجم مدينتي كوستي وربك بولاية النيل الأبيض لأجل السيطرة على الجسر الرئيس الذي يربط بين غرب وشرق السودان، خصوصًا بعد قصف الجيش السوداني لجسر جبل أوليا جنوب الخرطوم وإخراجه عن الخدمة، خلال الأيام الماضية.

12752d84-c5d1-4470-972b-41429273d797

تكرار مجزرة الدندر

ومع إعلان الجيش دخوله مدينة سنجة تصاعدت المخاوف من تكرار مجزرة “الدندر” التي ارتكبتها الميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني، ضد المدنيين هناك تحت ذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع.

وبالفعل بدأت تقارير تتحدث عن شن الميليشيات المتحالفة مع الجيش حملة اعتقالات وسط المواطنين بمدينة سنجة بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

ونشر عمار السجاد، وهو قيادي إسلامي بنظام البشير السابق، على موقع “فيسبوك” يقول إن المتعاونين مع قوات الدعم السريع بمدينة سنجة يتجاوز عددهم عشرة آلاف شخص، الأمر الذي اعتبره البعض إشارة لقتل أكبر عدد من المدنيين بالمدينة التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

وقال مراقبون إن الجيش السوداني درج على إطلاق يد هذه الميليشيات المتطرفة لتفتك بالمواطنين الذين يتمسكون بالبقاء في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، مثلما حدث من قبل في منطقة الحلفايا شمال الخرطوم، والدندر بولاية سنار.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، تُظهر مقاتلين من مليشيا البراء بن مالك، وهم يتوعدون بذبح مواطنين في عدد من الأحياء في سنجة بتهمة التعاون من الدعم السريع.

وقال بشرى علي، على منصة “إكس” إن تهديد ميليشيا البراء بقتل المدنيين أمر متوقع ومؤكد، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يكونوا قد قتلوا المدنيين وألقوا بجثامينهم في النيل.

ويعتقد قادة هذه المليشيات أن من يتعايش مع قوات الدعم السريع فهو منهم، لا يريدون للمواطنين أن يستقروا في مناطق سيطرة الدعم السريع، يريدون من الجميع النزوح إلى مراكز الإيواء بمناطق سيطرة الجيش، وفق مراقبين.

 وتحدثت تقارير عن مقتل 17 من المواطنين وجرح العشرات في مواجهات بين السكان والميليشيات المتحالفة مع الجيش، بعد دخولها قريتي “شكا والعمارة” ونهب السكان وارتكاب انتهاكات.

وأشارت التقارير إلى أن ذلك حدث بعد توعد كتائب البراء بن مالك، لسكان قرى “شكا والعمارة وزينوبا” التي تقع على الطريق الرابط بين سنار وسنجة وتقطنها قبيلة “العريقات” إحدى فروع قبيلة الرزيقات التي ينحدر منها قائد قوات الدعم السريع.

وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت قوى حقوقية وزعماء أهليون اتهموا الجيش السوداني، بقتل أكثر من 350 مدنياً في مدينة الدندر وقرى شرق سنار، بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على تلك المناطق وانسحبت منها.

وأكدت يومها تقارير مراصد حقوقية أن قوات الجيش، مدعومة بكتائب الحركة الإسلامية، نفذت في مدينة “الدندر”، حملة اعتقالات وتصفية استهدفت مدنيين أبرياء على أساس العرق والانتماء القبلي، أسفرت عن قتل المئات، جميعهم من أبناء قبائل غرب السودان، بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع في أثناء سيطرتها على المدينة.

وأكدت التقارير أن المجزرة شملت 72 أسرة، جميع أفرادها من المدنيين ولا علاقة لهم بالصراع، كما تم قتل بعض أصحاب المطاعم وبائعات الشاي، بسبب تقديمهم الطعام أو الخدمات لقوات الدعم السريع خلال سيطرتها على المدينة.

وسبق أن وقعت عشرات الانتهاكات في مواقع متفرقة من السودان بحق أشخاص ينحدرون من عرقيات تمثل حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، بعد اتهامهم بالانتماء للقوات التي تقاتل الجيش منذ الـ 15 من أبريل/نيسان الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى