الجيش السوداني في مواجهة داخليه: عطبرة تدفع ثمن الانقسامات العسكرية
رجحت مصادر متطابقة أن تكون الهجمات المجهولة على مدينة عطبرة، شمال السودان، ناتجة عن خلافات بين الأجنحة المتصارعة داخل الجيش السوداني.
وظلت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، عُرضة لهجوم متكرر بطائرات مسيرة مجهولة المصدر، يستهدف المطار ومقر قيادة الجيش في المدينة، وسط دوي المضادات الأرضية ورعب السكان.
ونفت قوات الدعم السريع علاقتها بجميع الطائرات المسيرة التي هاجمت مدينة عطبرة، مشيرة إلى أن ذلك قد يكون ضمن الصراع داخل الجيش السوداني.
وقال أيوب نهار، مستشار قائد قوات الدعم السريع إن “ما يحدث في عطبرة لا علاقة له بقوات الدعم السريع، ويأتي في إطار الصراع بين أجنحة الحركة الإسلامية التي أصبحت متشظية ومنقسمة على بعضها البعض”، وفق تعبيره.
-
الإخوان يستهدفون القوى المدنية: وسائل زعزعة الثقة والتأثير على الرأي العام
-
الولايات المتحدة تقود تحركًا دوليًا لإزاحة البرهان والإخوان في السودان
وأشار نهار إلى وجود تيارين منقسمين داخل الحركة الإسلامية “التي تسيطر على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان“، إضافة إلى وجود تيار ثالث داخل الجيش يرى في جماعة الحركة الإسلامية خطرا على وجوده.
وأضاف أن “هناك تيارا يقوده علي كرتي، وأحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وتيارا آخر يقوده إبراهيم محمود ونافع علي نافع، والحاج آدم يوسف، فضلًا عن وجود أطراف أخرى تكن عداءً للإسلاميين وتعتقد أنهم يمثلون مصدر خطورة عليهم وأنهم بؤرة إرهاب”.
وأشار المستشار إلى حادثة قصف الإفطار الرمضاني لكتائب البراء بن مالك، التي وقعت في أبريل الماضي داخل مدينة عطبرة.
-
الوضعية الراهنة للحركة الإسلامية (الإخوان): تحليل شامل من كاتب سوداني
-
“تقدم”: لن نكون “واجهة سياسية” لعودة الإخوان إلى السودان
وقال إنه “حتى الآن لم تخرج جهة لتعلن مسؤوليتها عن الحادثة كما أن السلطات هناك لم تعلن نتائج التحقيق، علما أن المسيرة التي قصفت الموقع من طراز مملوك للجيش كما أنها انطلقت من مناطق سيطرة الجيش”، وفق قوله.
وتابع أنه “لا وجود لقوات الدعم السريع في عطبرة ولا حولها وبالتالي لا علاقة لنا بما يحدث في المدينة من هجوم بالطيران المسير أو خلافه”.
وكانت أولى هجمات الطائرات المسيرة على مدينة عطبرة، وقعت في أبريل الماضي، حينما استهدفت مسيرة مجهولة إفطارًا رمضانيًا لميليشيا كتيبة البراء بن مالك التي تقاتل مع الجيش السوداني، مما أوقع 15 قتيلًا وعددا من الإصابات وسط المجموعة التي كانت تقيم افطارها داخل إحدى الصالات بالمدينة.
-
هل يعود إسلاميو السودان للحكم من بوابة المشاركة في الحرب ؟
-
ياسر العطا يحاول لفت الانتباه بالتطاول والصوت العالي
ورغم أن اللجنة الأمنية بالولاية يومها أعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق في الحادثة، فإن نتائجها لم تعلن ولم يعرف حتى الآن من المسؤول عن ذاك الهجوم.
صراعات داخلية
من جهته قال مصدر محلي بمدينة عطبرة إن الطائرات المسيرة التي تستهدف المدينة تأتي من الجهة الغربية للمدينة، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع ليس لها وجود في تلك الاتجاهات مما يستبعد فرضية مسؤوليتها عن الهجمات.
وأوضح أن قوات الدعم السريع تتواجد في الاتجاه الجنوبي لولاية نهر النيل وعلى مسافات بعيدة من مدينة عطبرة تصل إلى أكثر من 200 كيلومتر.
وأضاف المصدر أن “هناك مؤشرات على أن الطائرات تتبع للجيش السوداني نفسه، لكن من غير الواضح ما إذا كانت لأغراض تدريبية، أم في إطار الخلافات بين الأجنحة المتصارعة”.
واستبعد أن تكون المسيرات التي ظلت تهاجم مدينة عطبرة مزودة بذخائر حربية، مشيرًا إلى أن “هناك عشرات الهجمات التي استهدفت المدينة دون أن تسفر عن أي خسائر كما لم تظهر نوعية هذه المسيرات عبر وسائل الإعلام لمعرفة من الذي يملكها”.
وأول مرة تخلف الطائرات المسيرة التي تهاجم مدينة عطبرة خسائر مادية، كانت يوم الأربعاء حين دمر أحد المنازل قُرب مقر الجيش بالمدينة، حيث أظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا وهم ينتشلون طفلة من بين ركام المنزل المدمر، مع إشارات إلى أن ذلك نتيجة سقوط طائرة مسيرة على المنطقة.
-
إخوان السودان: مشاركة في بدء الحرب وتزويدها بالوقود
-
محاولة انقلاب فاشلة في الجيش السوداني.. ما علاقة الإخوان؟
صمت الجيش
ورأى المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، أن المسيرات التي تستهدف مدينة عطبرة باستمرار تخص طرفا ثالثا في الحرب، خاصة في ظل عدم اتهام الجيش لقوات الدعم السريع ونفي الأخيرة علاقتها بالهجمات.
وقال جمعة إنه من المرجح أن تكون مسؤولية المسيرات التي تضرب عطبرة، تقع على عاتق “الحركة الاسلامية والجيش وأطراف خارجية” تتحالف معها.
وأضاف أن “السلطات في عطبرة كانت قد أعلنت عن القبض على مشتبه به في حادثة استهداف إفطار كتيبة البراء بن مالك، وأنها شكلت لجنة تحقيق في الحادثة، لكن منذ ذلك الحين لم نسمع بنتيجة التحقيق ولا اتهام جهة بالعملية، وحتى الآن تستمر المسيرات في استهداف المدينة خاصة المطار ومراكز تدريب المستنفرين”.
وأشار إلى وجود رابط بين استهداف المسيرات واجتماعات حزب المؤتمر الوطني الأخيرة التي انتخب فيها أحمد هارون رئيسًا للحزب، مبينًا أن الهجمات زادت منذ الحديث عن الاجتماعات الأخيرة للحزب المنحل، في وقت لاذ فيه الجيش بالصمت عن اتهام قوات الدعم السريع، وفق قوله.
وكان قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، تعرض في أغسطس الماضي، لاستهداف عبر طائرة مسيرة مجهولة، استهدفت حفل تخريج ضباط عسكريين في منطقة جبيت العسكرية بشرق السودان، حيث قتلت نحو 5 أشخاص بينما نجا البرهان.
وتقع منطقة جبيت في ولاية البحر الأحمر بشرق السودان على بعد حوالي 726 كيلومترًا عن العاصمة الخرطوم، ومناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
-
ضربة جديدة لكتائب الظل الإخوانية في السودان… التفاصيل
-
فشل الجهود الدولية في إيقاف إطلاق النار في السودان: تحليل الأسباب
وقال محللون وقتها إن العملية رسالة تحذير من الإخوان للبرهان لمنع قبوله التفاوض والمشاركة في المحادثات التي كانت مقررة في جنيف بسويسرا، والتي قاطعها البرهان بعد ذلك بالفعل.