تحقيقات

الجامعة العربية: تشكيل حكومة موازية يهدد استقرار السودان


شكك مراقبون وأوساط سودانية، بخطوة ميليشيا البراء وميليشيات إخوانية أخرى، بإلقاء السلاح بزعم “الاتجاه إلى العمل المدني”، خصوصًا أنها تأتي متأخرًا، وبعد نحو 3 أعوام على اندلاع الصراع الأهلي في البلاد.

فيما كشفت تحركات عسكرية جديدة في الخرطوم وولايات أخرى، لميليشيا البراء، عن عدم “صدق” الخطوة، بل اعتبرها مراقبون “مناورة” ونوعًا من “الخداع المكشوف”.

  وكانت وسائل إعلام سودانية قد نشرت بيانًا منسوبًا لقائد الميليشيا الإخوانية، أبو زيد طلحة، أكد فيه أن قواته “ستُوقف فورًا كل عملياتها ذات الطابع العسكري، وتُعيد توجيه طاقتها نحو خدمة المواطنين والمساهمة في جهود إعادة الإعمار”، وفق زعمه.

وزعم البيان أن خطوة إلقاء السلاح جاءت بالتنسيق الكامل مع قوات حكومة بورتسودان، التي يقودها عبد الفتاح البرهان، مدعيًا أنها تأتي ضمن “خطة وطنية شاملة لإعادة ترتيب أولويات العمل الميداني، بما يخدم المصالح العليا للدولة”.

إلا أن أوساطًا سودانية ترى أن مزاعم “العمل المدني الميداني” تنافي تمامًا “السجل الواسع من الانتهاكات” التي حدثت خلال سنوات الصراع، والتي وُثقت في تقارير حقوقية أممية، أبرزها تقرير هيومن رايتس ووتش. 

بينما يؤكد الكاتب المختص بالشأن السوداني، الدكتور أبو العسل السيد، أن توقيت إعلان التخلي عن السلاح “مريب”، يلمّح إلى أنها خطوة قد تكون تمهيدية للعب دور “مدني” في المرحلة المقبلة بهدف السيطرة على أي محاولات سياسية معارضة.

وفي تصريح شكّك الدكتور أبو العسل السيد في صدق خطوة إلقاء السلاح، مؤكدًا أنها “نوع من المناورة والخداع”، ولا تعد أكثر من “انحناء للعاصفة”.

“توقيت إيراني”
ظهرت ميليشيا البراء الإخوانية لأول مرة العام 1976، وكانت جزءًا أساسيًا من كتائب الظل التي أسستها جماعة الإخوان المسلمين في السودان، وفق ما يؤكده الدكتور أبو العسل السيد، حيث تمكّنت من اختراق الجيش، ثم الشرطة، وصولًا إلى بقية أجهزة الأمن.

ومع اندلاع الصراع في السودان في أبريل/نيسان 2023 عادت الميليشيا إلى الواجهة بقوة، ووفقًا لأبو العسل، فقد جرى خلال سنوات الحرب ترقية تشكيلاتها إلى لواء، ثم إلى “فيلق” على غرار “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.

ويربط أبو العسل بين توقيت إعلان “إلقاء السلاح” من قبل الميليشيات الإخوانية، والأزمة العميقة التي يمر بها النظام الإيراني، خاصة بعد حرب الـ 12 يومًا في يونيو/ حزيران الماضي.

ويقول: “تُعد الحركة الإخوانية السودانية وثيقة الصلة بالنظام الإيراني، الذي تلقّى ضربات موجعة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي انعكس – فيما يبدو – على موقف الميليشيات في السودان، التي بدورها تعرّضت لضربات قاتلة”.

ويعتقد أن الميليشيات الإخوانية “لا تختلف عن الجماعة الأم”، في إشارة إلى “الخطوة التاريخية التي يلجأ إليها الإخوان عند اشتداد الضغوط؛ بالانحناء للعاصفة”.

حوادث تشكك
وبالتوازي مع إعلان ميليشيات إخوانية التوجّه لإلقاء السلاح، رصدت وسائل إعلام سودانية تحرّكات عسكرية لميليشيا البراء على وجه التحديد، في الخرطوم وأم درمان، إلى جانب اكتساح نقاط تتبع لحركة مناوي، بغطاء جوي من طيران قوات حكومة بورتسودان.

ويعلّق أبو العسل على تلك التحركات بأنها تثبت “عدم قدرة قوات البرهان على الاستغناء عن الميليشيات الإخوانية”، خصوصًا بعدما “مُنيت بخسائر كبيرة في الحرب، مع هروب آلاف الضباط والجنود إلى خارج البلاد”. وتابع: “لم يعد هناك وجود لشيء اسمه الجيش السوداني، إنما ميليشيات إخوانية متطرفة”.

“تكتيك إعلامي”
من جهته، يقول الكاتب والإعلامي عمار سعيد، إن إعلان البراء إلقاء السلاح هو تكتيك “إعلامي”، مضيفًا أن “القراءة المتعمقة لمجريات المشهد الأمني والسياسي في العاصمة الخرطوم تكشف أن هذا الإعلان لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لتضليل المجتمع الدولي”.

ومن جهة أخرى، يرى عمار سعيد أن الميليشيات الإخوانية بهذه الخطوة تهدف إلى “خداع القوات المشتركة”، بعد أن “أصبحت عبئًا أمنيًا على من كانت تدّعي التحالف معهم”، وفق قوله.

وأُثيرت خلال الفترة الماضية موجة من الغضب الشعبي والإدانات الحقوقية؛ إثر انتشار عشرات المقاطع المصوّرة التي توثّق جرائم قتل وتصفيات ميدانية بحق مدنيين، ارتكبها منتسبو هذه الجماعة دون أي مسوّغات قانونية، وبمنأى عن أي محاكمات، كما يضيف عمار سعيد.

ويتابع أن “تلك الجرائم التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، جاءت لتكشف الطبيعة الحقيقية لهذه الميليشيا”، التي وصفها أيضًا بأنها “تكوين أيديولوجي متطرف، جرى تجنيده وتدريبه برعاية مباشرة من أجهزة النظام البائد، وبدعم استخباراتي ولوجستي من الحرس الثوري الإيراني”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى