البرهان يستنجد بإيران لمساعدته على الصمود
أعلن وزير الخارجية السوداني علي الصادق. إن علاقات بلاده مع إيران ليست موجهة ضد أي دولة أو نظام إقليمي أو دولي، وذلك في محاولة لتبرير التقارب مع طهران الذي ظهرت علاماته بشكل واضح مؤخرا وتزامنت مع تقارير إعلامية غربية. أفادت بقيام النظام الإيراني بتسليح الجيش السوداني، الذي يخوض قتالا عنيفا مع قوات الدعم السريع.
ووفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا” تطرق الصادق خلال لقائه السفراء المعتمدين والمقيمين بالسودان بمدينة بورتسودان (شرق). المقر المؤقت للحكومة، إلى آخر التطورات في البلاد.
وقال الصادق “أوضحت للسفراء أن إعادة العلاقات بين البلدين (السودان وإيران) أمر طبيعي ولا يثير علامات استفهام، حيث إن العلاقات كانت مقطوعة وتمت إعادتها. وهذا أمر طبيعي بين الدول في العلاقات الدبلوماسية”.
وأكد أن “علاقات السودان مع إيران ليست موجهة ضد أي دولة أو مجموعة دول، ولا ضد نظام إقليمي أو دولي قائم في المنطقة”.
وأوضح الصادق، أن علاقات البلدين “شيء طبيعي وعادي في العلاقات بين الدول. واستئناف لتعاون سابق طويل في المجالات الاقتصادية ومجالات التنمية والاستثمار بين البلدين”.
ويرى مراقبون أن التبريرات التي قدمها الوزير السوداني تؤكد أن استئناف العلاقات في هذا التوقيت بالذات موجهة بالأساس لمواجهة قوات الدعم السريع. لا سيما أن تقارير إعلامية غربية تفيد بأن طهران زودت الجيش السوداني بأسلحة في حربه مع قوات الدعم السريع. وهو ما أثار نقاشا بشأن توسيع نفوذ إيران في القارة الأفريقية.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن تصريحات وزير الخارجية لا يمكن أن تدفع مخاوف بعض دول الخليج والولايات المتحدة، في ظل بحث إيراني عن موطئ قدم في البحر الأحمر. والتغلغل في القرن والساحل الأفريقي انطلاقا من السودان.
وتنظر إيران بشكل جيوسياسي إستراتيجي. من واقع اهتمامها بالحصول على موطئ قدم في سواحل البحر الأحمر، وهذه الإطلالة ستعزز نفوذ طهران في المنطقة في ظل وجود حلفاء لها مثل جماعة الحوثي باليمن المطل أيضا على البحر الأحمر.
كما يمثل السودان عنصرا مهما لإيران. حيث أن السودان يتخذ مدخلا نحو القرن الأفريقي شرقا والساحل الأفريقي غربا، وهو ما هو يساعد طهران لتعزيز نفوذها في المنطقة، مما يثير مخاوف بعض دول الخليج ومصر، في ظل التنافس الأميركي الروسي الصيني الخليجي على المنطقة.
وفي الجانب المقابل، فإن الجيش السوداني بحاجة إلى دعم عسكري إيراني، إذ ستوفر الطائرات بدون طيار الإيرانية تفوقا له على حساب قوات الدعم السريع. كما أن حكومة البرهان تسعى من خلال إعادة العلاقات إلى البحث عن شرعية الدولية بعد انقلابها على الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.
وكانت آخر مظاهر التقارب بين إيران والسودان بعد استقبال طهران في الخامس من فبراير الحالي وزير الخارجية السوداني الذي زار البلاد لأول مرة بعد قطيعة دامت ثماني سنوات. وقد أكد حينها نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان. إعادة فتح السفارتين الإيرانية والسودانية واستئناف المهام الدبلوماسية لسفيري البلدين، في سياق جهود توسيع العلاقات الثنائية.
وفي يناير 2016، وخلال حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989-2019)، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين لسفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، مع مدانين آخرين، بتهمة الإرهاب.
وأفاد وزير خارجية السودان، بحسب ذات المصدر، بأنه “زود السفراء بالمعلومات، وقدم لهم شرحا مفصلا عن الأوضاع الأمنية والعسكرية في مدن العاصمة (الثلاث): الخرطوم (وسط) وأم درمان (غرب) وبحري (شمال)”
وأكد أن الجيش السوداني “يحرز تقدما مضطردا كل يوم في الخرطوم، ويضيق الخناق على الميليشيا (في إشارة للدعم السريع)”.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي حربا خلّفت أكثر من 13 ألف قتيل وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وفي يناير الماضي، ذكرت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية نقلا عن 3 مسؤولين. غربيين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن “السودان تلقى شحنات من طائرة (مهاجر 6). وهي طائرة بدون طيار ذات محرك واحد تم تصنيعها في إيران. بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية، وتحمل ذخائر موجهة بدقة”.
وقال مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية. آلان بوسويل، إن توفير إيران طائرات بدون طيار وغيرها من الدعم المادي للجيش السوداني “أمر مقبول على نطاق واسع في المجتمع الدبلوماسي”.
وأضاف في تصريحات لوكالة “بلومبيرغ”، أن “استعادة حليف في السودان، خاصة على طول البحر الأحمر، سيكون بمثابة فوز كبير لإيران، لكنه سيثير قلق القوى الإقليمية والغربية الأخرى”.
وبحسب “بلومبيرغ”، فإن تسليح السودان عسكريا من شأنه أن يعزز النفوذ العسكري لطهران في الشرق الأوسط، حيث تدعم بالفعل جماعات مسلحة. من حماس في غزة إلى حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى برنامجها المتنامي للطائرات بدون طيار”.