تحقيقات

البرهان يدخل السودان في عزلة بقطع الاتصالات؟


السودان – نفى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وجود انقلاب عسكري في السودان، قائلا إن “كل من يدعي ذلك فهو كاذب وواهم”، في محاولة لاحتواء الأخبار المتداولة حول إشارات لتفكك الجيش، ما من شأنه أن يترك تداعيات خطيرة على سير المعارك خصوصا مع تواتر الأنباء عن حالات انشقاق، بينما قالت مصادر أن هذه الأنباء هي وراء قطع الاتصالات في السودان لليوم السادس للتعتيم على الأخبار المتداولة بشأن تفكك الجيش.

وتعهد البرهان أمام ضباط وجنود “الفرقة 19 مشاة” التابعة للجيش السوداني بمدينة الدبة بالولاية الشمالية (شمال)، بـ”القتال حتى النصر من أجل كرامة هذا الشعب وقواته المسلحة”، وفق بيان لمجلس السيادة. مضيفا إن “كل من يقول هنالك انقلاب فهو كاذب وواهم، وكل الجيش على قلب رجل واحد، وكلنا مع بعضنا سننهي هذا التمرد (في إشارة لقوات لدعم السريع)”.
ويأتي نفي البرهان لوجود محاولة انقلابية في البلاد، بعد أيام من نقل وسائل إعلام محلية عن مصادر عسكرية أن “استخبارات الجيش اعتقلت عددا من الضباط الفاعلين بمنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان غربي العاصمة الخرطوم، بتهمة الإعداد لانقلاب”.

من جهته حاول ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني، رفع معنويات الجيش التي تأثرت بسبب الخسائر العسكرية ومحاولة الانقلاب بالقول إن القوات المسلحة لبلاده “كلها خلف قائد الجيش والقوات النظامية الأمنية تعمل خلف القيادة بقلب رجل واحد وفق تراتبية منظمة”. وفي خطابه أمام جنوده وضباطه،  ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 13 ألف قتيل وما يزيد على 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وربطت مصادر محلية بين تداول الأنباء حول الانقلاب وقطع الاتصالات في البلاد إذ يحاول الجيش التعتيم على ما يجري من انقسام داخله.

وأشارت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، كليمنتين سلامي، إلى أن “غياب خدمات الاتصالات أضرّ بعمليات إرسال واستقبال الأموال لملاييين السودانيين.

وأضافت سلامي في منشور على حسابها بمنصة “اكس” السبت، إن “انقطاع الاتصالات المستمر بالسودان يقيّد الملايين من الناس من إرسال الأموال وتلقيها، في وقت هم في أمس الحاجة إليها”. وأضافت “يعيق انقطاع التيار الكهربائي أيضا أنشطة الاستجابة الإنسانية الحاسمة، ووصول الناس إلى المعلومات المنقذة للحياة”.

وأدى الانقطاع الكلي لشبكات الاتصالات والإنترنت في السودان إلى تعطيل حياة الملايين وشلل في القطاعين العام والخاص، وطالت الاتهامات طرفي الحرب، الجيش وقوات الدعم السريع، في حين حذرت هيئات شبابية وتنظيمات سياسية من توظيف قطاع الاتصالات في الصراع العسكري والسياسي، حيث فشلت المساعي الدولية في جمع الطرفين على طاولة المفاوضات بسبب تعنت قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

واتهمت قوى الحرية والتغيير، في بيان السبت، طرفي الحرب “باستخدام خدمة الاتصالات الحيوية، كأداة حربية، ودعتهما إلى “الكف عن التعطيل الجزئي أو الكلي لخدمات الإنترنت، لكون ذلك يضر بمصالح المواطنين”، بينما أشار آخرون إلى أن الجيش ظل يوظف قطاع الاتصالات في إطار الصراع السياسي والعسكري، وقد قطع خدمة الاتصال عن المدن التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور، في حين أن الخدمة متوفرة ومتاحة في ولاية شمال دارفور التي يوجد بها الجيش، وهذا دليل على أن قرار القطع بيد الجيش والأجهزة الأمنية.

ويؤكد سكان محليون أن الجيش يقوم بقطع الاتصالات أو التشويش عليها خلال بعض المعارك، بهدف تعطيل عمليات التواصل بين مجموعات الدعم السريع.

وكانت قوات الدعم السريع نفت في بيان مسؤليتها عن قطع الإنترنت، وأشارت إلى أن “الخدمة انقطعت جراء قصف جوي قام به سلاح الجو التابع للجيش السوداني على مركز التحكم في الاتصالات”، وهي اتهامات ينفيها الجيش.

كما أعلن قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي) الأحد، عن أن “قواته حققت انتصارات في أم درمان وبابانوسا بولاية غرب كردفان وتنتظر مزيدا من الانتصارات في الأيام المقبلة.

وقال حميدتي، في تسجيل صوتي، إن “الحرب في السودان ستنتهي لصالحنا قريبا جدا”، مشيرا إلى أن قواته “وافقت على السلام من أجل السودان، لكن الطرف الآخر اختار الحرب”.

ومع تصعد الأوضاع، أرسل الرئيس الجيبوتي رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (ايغاد) مبعوثاً خاصاً إلى بورتسودان كجزء من الجهود المستمرة لإقناع القيادة السودانية بالتراجع عن قرارها بتعليق عضويتها في الهيئة.

وتسلم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في الأول من فبراير/شباط الجاري، رسالة خطية من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله نقلها المبعوث شخصي للرئيس الجيبوتي. وقال بيان صادر عن الحكومة السودانية وقتها إن الرسالة تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفي تصريحات لقناة “سي.جي.تي.إن” الصينية السبت، كشف وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف أن الرسالة دعت “القيادة السودانية لإعادة النظر في قرارها بتعليق عضويتها في ايقاد”.

وشدد يوسف على التزام جيبوتي الثابت بتعزيز الاستقرار الإقليمي وأكد على الدور المحايد الذي تلعبه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في تسهيل السلام داخل السودان.

وقال وزير خارجية جيبوتي “نحن نعمل بنشاط على هذا الأمر. السودان عضو حيوي في ايغاد ولاعب رئيسي في المنطقة. نحن بحاجة إلى بقاء السودان في المنظمة. ولذلك، تظل جيبوتي ملتزمة بالتعامل مع السودان”.

وشدد على حياد دور ايغاد، قائلاً “إنها تحاول المساعدة وليس لدينا أي اجندة نحن نحاول إحلال السلام في السودان”.

وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي علق السودان عضويته في المنظمة احتجاجا على عدم احترامها لقرار السودان بوقف التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، والإصرار على مساواة الدعم السريع بالقوات المسلحة والاعتراف البروتوكولي بقائد مليشيا الدعم السريع كما تقول.

وعقد زعماء “ايغاد” اجتماعا بشأن الأزمة السودانية في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، رغم مقاطعة الحكومة السودانية. كما التقى قادة المنظمة الافريقية بقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وزعيم القوى المدنية المناهضة للحرب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى