تسريبات

البرهان ومتاهته الأخيرة: الحركات المسلحة صراع النفوذ والتخلي بعد الاستغلال


منذ أن اندلعت الأزمة السودانية الحالية، حاول الجنرال عبدالفتاح البرهان أن يناور في جميع الاتجاهات، بحثًا عن موقع يضمن له البقاء في المشهد السياسي والعسكري .٢ لكنه، كما يبدو، وجد نفسه في متاهة صنعها بنفسه، حيث لا يجد مخرجًا واضحًا إلا عبر تبني نهج الإسلاميين الذين شكلوا ذخيرته الأيديولوجية والسياسية منذ انقلابهم في عام 1989.

أراد البرهان، بعد أن ضاقت عليه الخيارات، أن يقدم نفسه كرجل دولة قادر على معالجة أخطاء الماضي، فخرج بتصريحات تتعلق بإصدار جوازات سفر لمن مُنعوا منها خلال السنوات الماضية. لكن، بدلاً من أن يعلنها كحق أصيل للمواطن، تعامل معها وكأنها منحة، متناسيا أن الجواز وثيقة رسمية لا يملك هو أو غيره الحق في منعه عن أي سوداني. كان الأجدر به أن يقرّ بهذا الحق بوضوح، وأن يعترف بأن منع المواطنين من السفر جريمة سياسية وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان. لكن البرهان، في محاولة للحفاظ على توازنه بين الإسلاميين والمجتمع الدولي، ترك الباب مواربًا لممارسة المزيد من الابتزاز السياسي.

تشهد الأوضاع في السودان تصعيدًا مستمرًا، حيث يتعرض المدنيون لانتهاكات جسيمة من قبل الجيش السوداني في إطار الحرب المستمرة في البلاد. وقد تفاقمت هذه الانتهاكات مع تصاعد العمليات العسكرية، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية وزيادة معاناة المواطنين.

علاقة البرهان والجيش السوداني بالحركات المسلحة

برزت في الآونة الأخيرة توترات داخل الجيش السوداني بشأن علاقة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بالحركات المسلحة. وقد ناقش الاجتماع الأخير لهيئة الأركان، برئاسة الفريق “محمد عثمان الحسين”، تحفظات المؤسسة العسكرية على دور البرهان في تسليح الحركات المسلحة. وانتهى الاجتماع إلى الاتفاق على وقف أي عمليات للتجنيد خارج الجيش، تجنبًا لتطور إمكانيات هذه الحركات ومنع تحولها إلى قوات موازية للجيش في المستقبل.

تخلي الجيش عن الحركات المسلحة

بعد أن ورّط الجيش السوداني الحركات المسلحة في الحرب واستهلك قواتها، بدأ في التخلي عنها، حيث لم يعد يرى فيها قيمة استراتيجية بعد أن أضعفها وأفقدها قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث. وقد انعكس هذا التغيير في سياسات الجيش على تحركات الحركات المسلحة التي أصبحت تواجه أزمة وجودية.

النفوذ الإسلامي وتأثيره على الجيش

يبدو أن الجيش قد انصاع لأوامر الحركة الإسلامية بالتخلي عن الحركات المسلحة، وذلك بهدف تعزيز نفوذ الإسلاميين في السلطة واستحواذهم على أكبر عدد ممكن من المناصب الحكومية. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تقليص أي نفوذ للحركات المسلحة في المشهد السياسي. مما يتيح للحركة الإسلامية الهيمنة الكاملة على السودان.

تعامل الجيش مع الحركات المسلحة كميليشيات

يتعامل الجيش السوداني مع الحركات المسلحة باعتبارها مجموعات مرتزقة تفتقر إلى الولاء والمبادئ الواضحة. إذ يعتمد في تعامله معها على قدرتها على التأثر بالمال وتغيير مواقفها بناءً على المصالح الاقتصادية. هذا النهج جعل الحركات المسلحة عرضة للاستغلال والاختراق، ما أفقدها أي دور مستدام في الصراع السوداني.

الطابع القبلي والتهميش

تعامل الجيش مع الحركات المسلحة يتم بطابع قبلي واضح. حيث ينظر إليها على أنها مجموعات محسوبة على إقليم دارفور، مما أدى إلى تهميشها داخل المنظومة العسكرية والسياسية. كما يُنظر إليها على أنها قوات غير سودانية بالكامل. وبالتالي لا يمكن الوثوق بها أو الاعتماد عليها في المدى الطويل.

يبدو أن الجيش السوداني يسعى إلى إعادة ترتيب المشهد العسكري والسياسي في البلاد، من خلال التخلي عن الحركات المسلحة وإضعاف نفوذها. ويأتي هذا التوجه في إطار صراع أوسع على السلطة بين الجيش والحركة الإسلامية، حيث تسعى الأخيرة إلى فرض هيمنتها الكاملة. في ظل هذه المعطيات، تبقى الأوضاع في السودان مفتوحة على مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، مع استمرار تهميش الحركات المسلحة وسوء الأوضاع الإنسان

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى