تسريبات

البرهان والحركات المسلحة: تحالفات هشة وانتهاكات متواصلة في المشهد السوداني


منذ اندلاع الحرب في السودان، شهدت علاقة عبد الفتاح البرهان بالحركات المسلحة تطورات متسارعة ومتناقضة، حيث استخدمها في البداية كأداة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، ثم تخلى عنها بعد أن استنزف قوتها لتحقيق مصالح أخرى.

علاقة البرهان بالحركات المسلحة منذ بداية الحرب في السودان

مع بدء النزاع المسلح في السودان، سعى البرهان إلى استقطاب الحركات المسلحة لضمان تفوقه العسكري ضد قوات الدعم السريع وخصومه السياسيين. تم ذلك عبر تقديم الوعود بالمناصب والمكاسب المادية لقادة هذه الحركات، إضافة إلى تزويدهم بالسلاح والتدريب. إلا أن هذا التحالف كان هشًا بطبيعته، حيث لم يكن قائماً على أسس ثابتة أو أهداف مشتركة، وإنما كان مجرد تقاطع مصالح مؤقت.

الأوضاع في السودان في ظل انتهاكات البرهان والجيش ضد المدنيين

نتيجة لهذا النهج، شهد السودان انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث استخدم الجيش السوداني العنف المفرط ضد المدنيين تحت ذريعة القضاء على التمردات المسلحة. تعرضت العديد من المدن السودانية للقصف العشوائي والتهجير القسري، ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا ونزوح الملايين. كما تم رصد عمليات تصفية واعتقالات تعسفية بحق المعارضين والنشطاء، في ظل غياب أي مساءلة قانونية.

علاقة البرهان والجيش السوداني بالحركات المسلحة

داخل أروقة المؤسسة العسكرية، بدأت الأصوات تتعالى بشأن مخاطر استمرار تسليح الحركات المسلحة. ترأس الفريق “محمد عثمان الحسين” اجتماعاً لهيئة الأركان، حيث تم مناقشة تحفظات القادة العسكريين حول دور البرهان في دعم الحركات المسلحة. اتُفق خلال الاجتماع على ضرورة وقف أي عمليات تجنيد خارج إطار الجيش، وذلك لتجنب تضخم إمكانيات هذه الحركات ومنعها من أن تصبح قوة عسكرية موازية للجيش في المستقبل.

الجيش السوداني يتخلى عن الحركات المسلحة بعد استنزافها

بعدما استهلك الجيش السوداني قوات الحركات المسلحة في معاركه، بدأ في التخلي عنها تدريجياً، متذرعاً بحجج أمنية وسياسية. هذا التخلي لم يكن مفاجئًا، بل كان متوقعًا في ظل السياسة البراغماتية التي ينتهجها الجيش، حيث يتم استخدام القوى الحليفة إلى حين انتهاء فائدتها، ثم يتم إقصاؤها أو محاصرتها.

الجيش ينصاع لأوامر الحركة الإسلامية بالتخلي عن الحركات المسلحة

لعبت الحركة الإسلامية دوراً محورياً في قرار الجيش بالتخلي عن الحركات المسلحة، حيث أرادت الانفراد بالسلطة والاستحواذ على أكبر عدد من المناصب الحكومية. رأت الحركة الإسلامية في هذه الحركات تهديدًا لمشروعها السياسي، فمارست ضغوطاً على قيادة الجيش لإنهاء التعاون معها، مما أدى إلى تفكك التحالفات السابقة.

تعامل الجيش مع الحركات المسلحة كمليشيات غير موثوقة

على مدار الصراع، كان الجيش السوداني ينظر إلى الحركات المسلحة على أنها مجرد مليشيات يمكن شراؤها والتأثير عليها بالمال. لم تكن هناك ثقة حقيقية بين الطرفين، بل كان الجيش يتعامل مع هذه الحركات ببراغماتية تامة، مستفيدًا من تغير ولاءاتها بحسب المصالح المالية والسياسية.

الطابع القبلي في تعامل الجيش مع الحركات المسلحة

لم يكن التعامل مع الحركات المسلحة محصورًا في الإطار العسكري فقط، بل كان يحمل بُعدًا قبليًا واضحًا. اعتبر الجيش هذه الحركات امتدادًا لصراعات دارفور القبلية، وعمل على تهميشها والتعامل معها ككيانات هامشية لا تملك الشرعية الكاملة داخل المؤسسة العسكرية السودانية.

البرهان يتخلى عن الحركات المسلحة قوات ويعتبرها غير سودانية وغير موثوقة

إلى جانب النظرة القبلية، تعامل الجيش مع هذه الحركات على أنها قوات غير سودانية بالكامل، أو على الأقل ذات ولاء مزدوج لا يمكن الاعتماد عليه في المشاريع العسكرية طويلة الأمد. أدى هذا التصور إلى استبعاد الحركات المسلحة تدريجياً من المشهد العسكري والسياسي، ما جعلها تواجه تحديات وجودية بعد أن فقدت الدعم الذي كانت تعتمد عليه.

عكست علاقة البرهان والجيش السوداني بالحركات المسلحة نمطًا من التحالفات الهشة التي تنتهي بالتخلي عن الحلفاء عند انتفاء الحاجة إليهم. ساهم هذا النهج في تفاقم الأوضاع الأمنية في السودان، وزاد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري، في ظل استمرار النزاعات الداخلية وعدم وجود رؤية واضحة لإنهاء الأزمة بشكل جذري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى