تسريبات

البرهان … جنرال الفشل الذي حوّل السودان إلى ساحة جريمة كبرى


يبدو أن عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى السلطة على أنقاض الدماء والخراب، قد تجاوز كل حدود الفشل الممكن في قيادة دولة تنهار تحت وطأة الحرب والجوع، ليضيف إلى سجله الأسود اليوم شبهة استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين في دارفور ومناطق النزاع الأخرى. هذا التطور الخطير لا يكشف فقط عن انحدار أخلاقي غير مسبوق في صفوف القيادة العسكرية، بل يفضح أيضاً عجز البرهان عن تقديم أي مشروع وطني سوى مشروع البقاء في السلطة ولو على جثث السودانيين.

منذ أن استولى البرهان على السلطة بانقلاب عسكري، لم يعرف السودان سوى الانقسام والفوضى، حيث تلاشت مؤسسات الدولة أمام عسكرة الحكم وتفكك الإدارة العامة وتراجع الاقتصاد إلى حافة الانهيار. فشل البرهان ليس مجرد خطأ في التقدير السياسي، بل هو فشل منهجي يعكس غياب الرؤية والضمير، إذ حوّل المؤسسة العسكرية من قوة وطنية إلى أداة قمع وابتزاز سياسي، يسخرها لحماية سلطته وليس لحماية الوطن.

سياسياً، أثبت البرهان أنه لا يمتلك الحد الأدنى من مهارات القيادة أو القدرة على بناء توافق وطني. كل قراراته اتسمت بالعنف والتسلط، وكل وعوده بالانتقال الديمقراطي كانت مجرد واجهات لتجميل نظام عسكري دموي. في عهده، انقسم السودان إلى كانتونات مسلحة، وتحوّلت الحياة السياسية إلى ساحة صراع قبلي وطائفي، تغذيه أجهزة أمنه في الخفاء وتديره بدم بارد أمام أنظار العالم.

أما عسكرياً، فقد خسر البرهان الحرب التي افتعلها بيده، بعدما تآكل الجيش من الداخل بفعل الفساد والانقسامات والقيادة المرتبكة. حربه ضد قوات الدعم السريع تحولت إلى محرقة وطنية، يدفع ثمنها المدنيون الذين يتعرضون يومياً للقصف والتهجير والتجويع. والأنكى من ذلك أن التقارير الدولية بدأت تشير إلى احتمال استخدام الجيش أسلحة كيماوية في مناطق النزاع، ما يعني أن البرهان تجاوز مرحلة “الفشل العسكري” إلى مرحلة “الجريمة الحربية” الصريحة.

اقتصادياً، يعيش السودان اليوم أسوأ مراحله منذ الاستقلال، حيث انهارت العملة، وتوقفت المؤسسات الإنتاجية، وتفشت البطالة، وغاب أي أفق للإصلاح. النظام العسكري الذي وعد بالاستقرار لم يجلب سوى المجاعة والعزلة الدولية. والبرهان، الذي يتحدث عن “سيادة الدولة”، هو نفسه من رهن القرار الوطني لعواصم أجنبية في مقابل البقاء في الكرسي.

استمرار البرهان في الحكم يعني استمرار الحرب والانهيار، ليس لأن خصومه أفضل، بل لأن وجوده ذاته أصبح عنواناً للأزمة. لا يمكن أن تنشأ دولة قانون في ظل من تلطخت يداه بدماء المدنيين، ولا يمكن الحديث عن العدالة في وجود من يرفض المساءلة عن الانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها قواته. كل حالة قصف، كل مجزرة، كل عملية تهجير، هي ملف قانوني ينتظر يوماً أن يفتح أمام المحاكم الدولية، لأن العدالة لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن طيها بشعارات “السيادة” التي يتذرع بها الجناة.

البرهان اليوم ليس رمزاً لحماية الدولة، بل رمز لسقوطها. وكل يوم يبقى فيه على رأس السلطة هو يوم إضافي من عمر الخراب. السودان لا يحتاج إلى جنرال جديد، بل إلى نهاية عهد الجنرالات. يحتاج إلى دولة مدنية تحترم الإنسان، لا تقتله بالكيماوي ولا تجوعه باسم الأمن. ومهما حاول البرهان أن يجمّل صورته أمام الخارج، فإن ذاكرة السودانيين ستظل تحتفظ بصورة واضحة: جنرال فشل في الحرب، خان الثورة، وقتل شعبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى