تحقيقات

البارود يخدر محاولات الحل بالسودان


تطوي الاشتباكات في السودان شهرها الخامس، ولا يزال صوت الرصاص يصم الآذان، ورائحة البارود تزكم الأنوف، وتخدر محاولات الحل.

محاولات الحل تتلقى طعنات إثر الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.

وأفاد شهود اليوم الجمعة، بأن قوات “الدعم السريع” هاجمت مرة أخرى “سلاح المدرعات” في العاصمة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، من أجل السيطرة والاستيلاء على الأسلحة بداخله.

وحسب الشهود، فإن الاشتباكات المسلحة امتدت إلى أحياء “النزهة” و”العشرة” و”جبرة” و”اللاماب” في محيط المنطقة.

لماذا؟

ويُعد “سلاح المدرعات” قوة قتالية تتكون من 3 كتائب دبابات T55، أي نحو 40 دبابة، وكتيبة دبابات T72، وكتيبة دبابات T90 الحديثة، إضافة إلى 2 لواء مشاة آلي بناقلات جنود مدرعة من طراز BTR وكذلك كتيبة مشاة ميكانيكي بناقلات جنود مدرعة من طراز “البشير”، وهي نسخة مطورة من نقالة جنود إيرانية الصنع بمواصفات حديثة.

ويتميز موقع “سلاح المدرعات” بإمكانية استخدام أرض المعسكر، كمهبط محمي وآمن للطائرات القتالية الهجومية الخفيفة حال تعطل مطار جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.

كما يمثل قاعدة إطلاق مدفعي لضرب تجمعات القوات والأهداف داخل الخرطوم، باعتبار أن المدافع المتمركزة لديها القدرة والمدى المؤثر.

أوضاع كارثية

وحسب الشهود، فإن مدينة بحري، شمالي الخرطوم، شهدت أيضا اشتباكات بين الجيش والدعم السريع.

ووفقا للشهود، فإن أحياء “الكدرو”، و”الحلفايا” تعيش أوضاعا كارثية جراء تبادل القصف المدفعي، ما أدى لتصاعد ألسنة اللهب والدخان.

وأفاد الشهود بأن مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم شهدت بدورها اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع، ما أدى إلى تفاقم أزمة المياه والكهرباء والإنترنت.

جولة البرهان

واليوم، تفقد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، جرحى العمليات العسكرية في العاصمة الخرطوم، في مستشفى عطبرة العسكري (شمالي البلاد).

وقال بيان مقتضب للجيش، “رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام يتفقد جرحى ومصابي معركة الحسم بالمستشفى العسكري بمدينة عطبرة.”

وحسب مصادر فإن البرهان بعد انتهاء زيارته إلى مدينة عطبرة سيتوجه إلى مدينة بورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر. ومنها سيجري جولات خارجية إلى السعودية ومصر.

ولم تعلن السعودية ومصر والجيش السوداني عن زيارة البرهان حتى الآن.

أوضاع الولايات

ولا تزال مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور (غرب)، تعاني جراء الاشتباكات المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأبلغ شهود عيان أن مستشفى نيالا يعاني من تكدس المرضى والمصابين في ظل النقص الحاد في الكوادر الصحية والأدوية.

كما تعاني مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور، آثار الاشتباكات منذ اندلاعها في منتصف أبريل/نيسان الماضي.

وحسب الشهود، فإن حركة نزوح المواطنين إلى دولة تشاد المجاورة ما زالت مستمرة في ظل أوضاع إنسانية بالغة التعقيد.

وطبقا للشهود، فإن المدينة تشكو أيضا انقطاع المياه والكهرباء، وتفتقر المستشفيات للكوادر الطبية الكافية والأدوية.

الجوع والمرض

ومع استمرار الاشتباكات، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، إن الاشتباكات في السودان “تغذي حالة طوارئ إنسانية ذات أبعاد جسيمة، حيث إن هذا النزاع المرير -وما خلّفه من جوع ومرض ونزوح- يهدّد الآن بإغراق البلاد بأكملها”.

وأوضح غريفيث، في بيان، أن هذا القتال العنيف الذي اجتاح الخرطوم ودارفور منذ منتصف أبريل/نيسان، امتد إلى كردفان، حيث استنفدت المخزونات الغذائية بالكامل في مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، بسبب الاشتباكات وإغلاق الطرق، ما منع عمال الإغاثة من الوصول إلى الجوعى.

وطبقا للمسؤول الأممي، فقد “نزح ملايين الأشخاص داخل السودان، وفرّ ما يقرب من مليون آخرين عبر حدودها. فيما تعاني المجتمعات المضيفة بسبب وصول المزيد من اللاجئين إلى البلدان المجاورة. إن النزاع الذي طال أمده في السودان يمكن أن يدفع المنطقة بأكملها إلى كارثة إنسانية”.

وقال: “يكاد يكون من المؤكد أن يؤدي النزاع طويل الأمد إلى ضياع جيل من الأطفال، حيث عانى الملايين من الحرمان من التعليم، ومن الصدمات، والآثار الجسدية والنفسية للحرب. كما تُثير التقارير التي تفيد بأن بعض الأطفال في السودان يتم استخدامهم في القتال، قلقًا عميقًا”.

ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان يخوض الجيش و”الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

وفشلت جولات محادثات خارجية في أكثر من دولة، بينها السعودية، في وضع نهاية للقتال الدامي في السودان، في ظل تمترس كل طرف خلف مواقفه، ومساعيه لفرض الحقائق على الأرض. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى