الإصلاح العسكري في السودان.. غطاء لمحاصرة الإخوان أم مسعى لإنقاذ الدولة؟

اعتبر خبراء وسياسيون سودانيون أنّ قرارات القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، بإحالة عدد من الضباط للتقاعد وإعادة تشكيل هيئة الأركان، ليست مجرد إجراءات إدارية بل تمثل استهدافًا مباشرًا لعناصر الحركة الإسلامية داخل الجيش، في إطار ما وصفوه بمحاولة “تجفيف نفوذ الإخوان” في المؤسسة العسكرية بضغط إقليمي ودولي.
ووفق صحيفة (إدراك) فإنّ القرارات التي صدرت منتصف آب (أغسطس) الجاري، وشملت أيضًا إخضاع القوات المساندة لقانون القوات المسلحة، أثارت جدلًا واسعًا، خصوصًا بعد أن ربط محللون هذه التطورات بلقاء جمع البرهان في جنيف بمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية، وهو ما عزّز فرضية وجود ضغوط خارجية لإقصاء الإخوان.
ويرى مراقبون أنّ الجيش السوداني تعرّض لاختراق مبكر من قبل الحركة الإسلامية منذ الدفعة (40)، وهو ما جعل الارتباط بين الطرفين يتجاوز الانتماء الفردي إلى شبكة مصالح مؤسسية عميقة، ومن هنا فإنّ قرارات البرهان الأخيرة تُقرأ باعتبارها محاولة لقطع هذا النفوذ، لا مجرد تدوير قيادات عسكرية.
سياسيون وصفوا ما جرى بأنّه “مجزرة” تستهدف التيار الإسلامي داخل الجيش، بينما حذّر قيادي إسلامي تحدّث للصحيفة ذاتها، من أنّ هذه الخطوات تمثل محاولة لإعادة صياغة المشهد العسكري والسياسي بعيدًا عن الإخوان، مضيفًا أنّ أطرافًا خارجيةً تسعى لتقليص نفوذهم باعتبارهم القوة المنظمة الوحيدة القادرة على التأثير في مسار الأحداث.
من جانبه، ذهب المحلل السياسي وعضو الحركة الشعبية عمار نجم الدين أبعد من ذلك، معتبرًا ما يجري في بورتسودان “معركة كسر عظم مع الإسلاميين” بإملاء مصري مباشر، مشيرًا إلى أنّ القاهرة التي أسقطت حكم الإخوان في 2013 “لا تقبل أنصاف الحلول” مع هذا التنظيم، ولن تمنح إخوان السودان أيّ فرصة للتمدد من جديد.
وبينما ترى بعض الأطراف أنّ القرارات تمثل خطوة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، فإنّ آخرين يصفونها بأنّها معركة وجودية بين الجيش والإخوان، حيث يسعى البرهان إلى إثبات استقلاليته، بينما تضغط قوى إقليمية ودولية للتخلّص من آخر نفوذ للحركة الإسلامية داخل بنية الدولة.
