تحقيقات

الإخوان في ملف التعليم.. شبكة احتيال تُربك وزارة التربية السودانية


أثارت لجنة المعلمين السودانية جدلاً واسعاً في الأوساط التعليمية والسياسية بعد كشفها عن ما وصفته بـ«عملية احتيال ممنهجة» استهدفت مئات الطلاب وأسرهم داخل السودان وخارجه، تحت غطاء التعليم الإلكتروني المعتمد رسمياً.

ولا تتعلق القضية فقط بمؤسسة تعليمية وهمية، بل تكشف – وفق اللجنة – عن شبكة منظمة ذات امتدادات أيديولوجية وتنظيمية خطيرة، وعن ثغرات مؤسسية تسمح بتمرير هذا النوع من الفساد دون محاسبة فورية.

وفي بيان نشرته اللجنة عبر صفحتها الرسمية، ونقلته صحيفة “الخليج” الإماراتية، اتهمت جهة تُدعى «مؤسسة مداد التعليمية» بجمع مبالغ مالية كبيرة، خاصة من سودانيين في الخارج، مقابل وعود بتعليم إلكتروني معتمد وشهادات رسمية، قبل أن يتبيّن أن كل ذلك قام على ادعاءات غير صحيحة، وأن الامتحانات التي نُظّمت لا علاقة لها بوزارة التربية والتعليم، ولا تحظى بأي اعتراف قانوني.

وتقول لجنة المعلمين إن المؤسسة روّجت لخدماتها مستخدمة خطاباً احترافياً يوحي بالشرعية، واستندت إلى مزاعم بوجود تصديق رسمي، الأمر الذي أغرى الكثير من الأسر بتسجيل أبنائهم، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والحاجة المتزايدة إلى بدائل تعليمية عن بُعد. 

غير أن ما بدا حلاً مؤقتاً للأزمة، تحوّل – بحسب اللجنة – إلى فخ مالي وتعليمي أضر بمستقبل طلاب وبدّد مدخرات أسر.

الأخطر في الملف، وفق بيان اللجنة، هو ما اعتبرته «تواطؤاً بالصمت» من وزارة التربية والتعليم. فاللجنة أكدت أنها خاطبت الوزارة ووكيلها بأسئلة واضحة حول الإطار القانوني للتعليم الإلكتروني، وحول ما إذا كانت المؤسسة حصلت فعلاً على أي تصديق، لكن الرد كان – كما جاء في البيان – غياباً تاماً للإجابة، وهو ما فسّرته اللجنة باعتباره مؤشراً على تستر أو محاولة لاحتواء الفضيحة بعيداً عن الرأي العام.

وزادت الشكوك عندما أصدرت الوزارة لاحقاً بياناً أقرت فيه بوجود تصديق صادر من ولاية كسلا، مع الاعتراف بأن المؤسسة خالفت شروط هذا التصديق. 

لجنة المعلمين اعتبرت ذلك «شرعنة بأثر رجعي» لممارسة غير قانونية، ومحاولة لتقليل حجم الفضيحة بعد انكشافها، بدلاً من فتح تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين.

أما البعد الأكثر حساسية في القضية، فهو ما كشفت عنه اللجنة من صلات محتملة بين المؤسسة وشبكات التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدد من الدول. 

وأشارت إلى تسجيل صوتي منسوب لصحفي يتحدث عن لقاء جمعه بوزير التربية في سياق معالجة القضية، وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقات المتشابكة بين الإعلام، والمؤسسة، والوزارة، ودور ذلك في حماية شبكة يُشتبه في تورطها في غسل أموال تحت غطاء التعليم.

القضية، كما تبدو اليوم، لم تعد مجرد احتيال تعليمي محدود، بل اختبار حقيقي لجدية الدولة في مكافحة الفساد، وفصل التعليم عن شبكات الاستغلال الأيديولوجي والمالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى