أحداث

الأزمة السودانية إلى التدويل.. ما السيناريوهات المحتملة؟


توقع خبراء سودانيون سيناريوهات قاتمة لمستقبل الأوضاع في البلاد بعد الفيتو الروسي، الذي عطل مشروع قرار أممي لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية.

وأشار الخبراء إلى أن الدول المؤيدة للقرار الأممي قد تتجه إلى تنفيذه بآليات إقليمية وإفريقية، بينما ستعمل روسيا على استقطاب دول أخرى لعرقلة الإجراءات؛ ما قد يجعل السودان مسرحًا للصراع الدولي والإقليمي.

وكان مجلس الأمن الدولي قد فشل يوم الاثنين الماضي في اعتماد قرار بشأن السودان يطالب الجيش وقوات الدعم السريع باحترام التزاماتها في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وتنفيذها بشكل كامل، بما في ذلك اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين.

لن تستسلم

ويرى المحلل السياسي علي الدالي، أن الدول المساندة للقرار الأممي، لن تستسلم للفيتو الروسي، وسيكون أمامها عدة خيارات يمكن أن تلجأ إليها بينها إصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجراءات نفسها، أو عبر الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية.

وقال الدالي إن الدول ذاتها المساندة للقرار متوقع أن تستخدم نفوذها داخل القارة الإفريقية وربما تتفق مع الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن والسلم الإفريقي، لإيجاد آلية أخرى لتمرير بعض بنود القرار.

واستبعد التدخل العسكري المباشر في السودان؛ لأن ذلك سيدخل الإقليم في أزمة جديدة وقد يصبح السودان مسرحًا للصراع الدولي والإقليمي، وفق قوله.

وأضاف أن “خيار التدخل العسكري المباشر في السودان مستبعد، لكن هذه الدول يمكن أن تلتف على الفيتو الروسي وتلجأ لأساليب أخرى للضغط على أطراف الصراع لأجل وقف الحرب وتمرير المساعدات الإنسانية”.

وحول مستقبل الأوضاع داخل السودان، توقع الدالي أن تتواصل المعارك العسكرية في الجبهات كافة، في ظل غياب أي مبادرة للحل في الوقت الحالي بعد عرقلة روسيا للقرار الأممي.

وأشار إلى بروز عدة مؤشرات على احتدام المعارك بينها تصريحات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، التي رفض فيه التفاوض إلا وفق شروطه، إضافة إلى تصريحات قوات الدعم السريع بأنها لن تعود إلى التفاوض إلا بضمانات دولية وأنها ستمضي في الحرب التي يريدها الجيش.

وتابع “لغة أطراف الصراع أصبحت لغة حرب، بددت كل آمال استئناف التفاوض ونتوقع مزيدًا من التصعيد العسكري”.

وتوقع الدالي أن تعود الأزمة السودانية إلى طي النسيان من العالم، الذي سيتجه إلى الاهتمام بأزمات أخرى مثل حرب أوكرانيا وروسيا، على أن يعتبر أزمة السودان صراعًا داخلياً لا يهدد السلم والأمن الدوليين.

استقطاب دولي

من جهته يؤكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبوعبيدة برغوث، أن السودان عقب الفيتو الروسي معرض لأن يكون منطقة تدخلات إقليمية ودولية، باعتبار أن القرار صوتت له 14 دولة بينما رفضت دولة واحدة.

وقال إن الدول التي صاغت القرار ربما تذهب إلى تنفيذه بطريقة أخرى خارج مظلة مجلس الأمن، وقد تستخدم الاتحاد الإفريقي ومنظمات أخرى في الإقليم، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام استقطاب دولي بين الأطراف المختلفة حول القرار وسيخلق ذلك تحالفات جديدة تتصارع في السودان.

f219d9a1-68e3-4160-b487-d7d715bc6f51


وأضاف أن هذه التحالفات حال قيامها ستطيل أمد الحرب في السودان، ما لم يوجد توافق بين السودانيين حول وقف الحرب، مبينًا أن الوقائع تدل على ذهاب السودان إلى مستقبل مظلم.

وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، قال عقب استخدام روسيا حق الفيتو، إن المدنيين السودانيين عانوا من عنف لا يمكن تصوره خلال الحرب، وإن هذه المعاناة ندبة على الضمير الجماعي.

وقال المتحدث باسم تنسيقية “تقدم” بكري الجاك إن “استخدام روسيا للفيتو وإن كان مفهومًا في سياق اللعبة الدولية ومحاولة استخدام السودان ككرت للضغط من أجل الحصول على مكاسب فى مكان ما، إلا أن هذا الفيتو جاء ضد الإرادة الدولية”.

وأضاف أن “إبطال قرار كان يمكن أن يُبنى عليه لخلق آلية لحماية المدنيين يعني أن المدنيين فى السودان الآن عُرضة لأن يكونوا رهينة لأطراف الحرب، والانتهاكات التي يتعرضون لها ستكون وسيلة للكسب السياسي بواسطة أطراف الحرب”.

وأشار إلى أن أطراف الحرب ربما تفهم بأن الفيتو الروسي بمثابة رخصة للاستمرار في الحرب وتوسعة رقعتها دون الاكتراث لما سيحدث للمدنيين ودون الاكتراث لخطر تقسيم البلاد.

وكان مشروع القرار البريطاني الذي عرقلته روسيا، يدعو الأطراف المتحاربة إلى الدخول في حوار، بحسن نية، للاتفاق على فترات هدنة وممرات إنسانية، على أساس مستدام، لضمان المرور الآمن للمدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية، وإصلاح وترميم البنية التحتية الإنسانية الحيوية والخدمات الأساسية.

ويطالب مشروع القرار “الطرفين المتحاربين بوقف الأعمال القتالية فورًا”، مثلما يدعو “طرفي الصراع إلى السماح بوصول الدعم الإنساني وتسهيله بشكل كامل وآمن وسريع ودون عوائق عبر خطوط التماس والحدود إلى داخل السودان، وفي جميع أرجاء البلاد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى