الأرض مقابل السلاح: كيف جرى بيع أراضي الولاية الشمالية لتمويل كتيبة البراء بن مالك؟
صفقة في الظل: البرهان وكرتي واتفاق الأرض والسلاح خارج مؤسسات الدولة
في خضم الحرب التي تعصف بالسودان، برزت إلى الواجهة معلومات خطيرة تؤكد دخول البلاد مرحلة غير مسبوقة من إدارة الصراع، تقوم على تبادل الموارد السيادية بالدعم العسكري خارج الأطر المؤسسية المعروفة. فوفق معلومات مؤكدة من مصادر مطّلعة، جرى اتفاق مباشر بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان والقيادي الإسلامي علي كرتي، تمخض عن ترتيبات لبيع أراضٍ في الولاية الشمالية لصالح دولة مجاورة مقابل توفير دعم عسكري موجَّه لفصيل محدد داخل ساحة القتال.
خلفية الأطراف ودلالات التوقيت
يعد عبد الفتاح البرهان الطرف المركزي في قيادة المؤسسة العسكرية منذ اندلاع الحرب، بينما يُنظر إلى علي كرتي كأحد أبرز رموز التنظيم الإسلامي، وصاحب نفوذ غير معلن داخل شبكات سياسية وعسكرية فاعلة.
ويأتي هذا الاتفاق في توقيت يشهد تراجعًا في خيارات التسليح الرسمية وتصاعدًا في الضغوط الإقليمية والدولية، ما دفع — وفق المصادر — إلى البحث عن مسارات بديلة للدعم العسكري، حتى وإن اقتضى ذلك المساس بالموارد السيادية.
تفاصيل الاتفاق: الأرض مقابل السلاح:
- التصرف في مساحات من أراضي الولاية الشمالية ذات حساسية جغرافية وحدودية.
- تقديم دعم عسكري مباشر (معدات وتسليح) موجَّه إلى كتيبة البراء بن مالك.
- تنفيذ التفاهمات بعيدًا عن الأطر القانونية والمؤسسية المعروفة، باعتبارها ترتيبات “حربية خاصة”.
وتشير المصادر إلى أن هذا المسار اعتُمد باعتباره “حلًا عمليًا” لتعزيز موازين القوة على الأرض، في ظل تعقيدات المشهد العسكري.
كتيبة البراء بن مالك: دور متنامٍ ونفوذ متصاعد:
برزت كتيبة البراء بن مالك كقوة فاعلة خلال الحرب، وسط اتهامات واسعة بارتباطها بتنظيمات إسلامية، وعملها خارج التسلسل القيادي التقليدي. ويؤكد مطّلعون أن الدعم المخصص لها ضمن هذا الاتفاق يعكس إعادة ترتيب داخل معسكر الجيش، عبر تمكين فصائل ذات ولاءات أيديولوجية محددة.
كانت مصادر خاصة لموقع “سودان ليكس” من أوائل الجهات التي كشفت تفاصيل هذا الاتفاق، مؤكدة أنه تم التوافق عليه بشكل نهائي، وأنه دخل حيز التنفيذ عبر قنوات غير معلنة.
وبالتوازي، تناولت منصات إعلامية سودانية أخرى — إلكترونية ومستقلة — الموضوع بالتحليل والرصد، وأشارت إلى تقاطعات المصالح بين القيادة العسكرية وشبكات الإسلاميين، وإلى مخاطر رهن الأراضي والدعم العسكري باتفاقات سرّية في ظل غياب الرقابة والمؤسسات التشريعية.
يثير هذا الاتفاق أسئلة جوهرية:
- من يملك حق التصرف في أراضٍ سيادية أثناء الحرب؟
- ما الإطار القانوني الذي يجيز استخدام الموارد الوطنية مقابل تسليح فصائل بعينها؟
- هل يمهد ذلك لتفكيك مفهوم الدولة الجامعة لصالح تحالفات وقتية؟
خبراء قانونيون يؤكدون أن أي تصرف سيادي خارج تفويض شعبي أو تشريعي يفتقر للمشروعية، مهما كانت الذرائع الأمنية.
التداعيات السياسية والعسكرية
- تعمّق الصراع وتفتح الباب لمساومات إقليمية.
- تُضعف وحدة القرار العسكري عبر خلق مراكز قوة موازية.
- تعيد تموضع الإسلاميين داخل المشهد العسكري من بوابة الحرب.
في المقابل، تلتزم الجهات الرسمية صمتًا، دون نفي أو توضيح، ما يزيد من حدة القلق الشعبي.
ما تكشفه هذه المعلومات يؤشر إلى تحول خطير في إدارة الدولة خلال الحرب، حيث تُدار الملفات المصيرية عبر اتفاقات غير معلنة، وتُستخدم الموارد السيادية كوسيلة تفاوض عسكري.
وفي ظل هذا الواقع، تصبح الشفافية والمساءلة ضرورة وطنية، لا مجرد مطلب إعلامي، حمايةً لوحدة البلاد ومستقبلها.



