ارتهان البرهان للاسلاميين يبدد آمال انهاء الحرب
شددت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) على أهمية الاتفاق مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، الذي تم التوقيع عليه في أديس أبابا الأسبوع الماضي كخطوة على طريق حل الأزمة في السودان، لكنها ليست متفائلة بالخطوات اللاحقة التي قام بها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بسبب ارتهانه للإسلاميين.
وقال محمد المختار نور، المستشار لقائد قوات الدعم إن قواته التي أعلنت السيطرة على العاصمة الخرطوم ملتزمة بهذا الاتفاق الذي رفضه البرهان، ودعا بعده إلى تسليح المواطني، مضيفا في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي أن “المبادئ التي اتفق عليها الطرفان تعتبر خارطة طريق لمستقبل العملية السياسية في البلاد بعد وقف إطلاق نار مع القوات المسلحة”. واعتبر أن توقيع الاتفاق مع القوى المدنية “ليس لحصر العملية السياسية فيهم بقدر ما هو لفتح نافذة للوصول إلى أكبر إجماع سياسي مع بقية القوى السياسية الراغبة في عملية السلام، وأي حوار سياسي شامل مرحب بها من جانبنا مع أي طرف ما عدا المؤتمر الوطني”.
وتسعى “تقدم” إلى توسيع جبهتها المدنية لتضم أطرافاً جديدة، في إطار الجهود الرامية إلى وقف الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وبناء تحول ديمقراطي حقيقي. وقد أرسلت خطابات إلى جهات عديدة، من بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان والحزب الشيوعي وحزب البعث، وكيانات أخرى سواء كانت لجان مقاومة أو إدارة أهلية أو مكونات مجتمع مدني وغيرها من المنظمات للوصول إلى حد أدنى من الاتفاق، بهدف إيقاف الحرب.
وأكدت رشا عوض، المتحدثة باسم “تقدم”، أن التواصل سيستمر مع القوى السودانية المختلفة، مشيرةً إلى أن تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “لم تتلق حتى الآن استجابة من هذه الأطراف، بمعنى أنهم لم يحددوا موقفهم من قبول الدعوة أو رفضها باستثناء الدعم السريع الذي قبل الدعوة وتم الاجتماع معه”.
وقالت عوض أن “الجيش مثلاً في البداية أبدى قبولاً مبدئياً للاجتماع مع القوى المدنية بقيادة عبد الله حمدوك (رئيس الوزراء السوداني السابق) ولكنه لم يمض قدماً في الاتفاق على تفاصيل توقيت ومكان الاجتماع”. ووصفت التصريحات التي أدلى بها البرهان في الآونة الأخيرة بأنها “سلبية”، قائلة “التطورات اللاحقة، مثل خطاب قائد الجيش بعث بإشارات يمكن اعتبارها إشارات سلبية ولكن التواصل سيستمر، هناك أصلاً لجنة متخصصة في التواصل مع الفرقاء وهذه اللجنة ستكثف من اتصالاتها حتى يقبل الجميع بحل سياسي تفاوضي لهذه الأزمة”.
وقال البرهان الجمعة إنه لا مجال للصلح ولا التوصل لاتفاق مع قوات الدعم السريع، مؤكداً أن الجيش مستمر في معركته لاسترداد كل السودان. وزعم أن قوات الدعم السريع ارتكبت “جرائم حرب”، وأن تعامل الجيش معها “سيكون في الميدان”.
ونظرا لهذه التصريحات العدائية التي تنصل فيها البرهان من تعهداته بشأن اللقاء مع حميدتي، اعتبر مستشار قوات الدعم أنه “في ظل وجود البرهان ومجموعته لا توجد أي بارقة أمل للحل”. مشيرا إلى أن الحوار السياسي “لن يتم إلا بعد أن يتحلل البرهان من التزاماته مع الإسلاميين”، وقال “بعدها يبدأ مسار سياسي ونتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لأن الإسلاميين لا يريدون لهذه الحرب أن تقف لأن إيقاف الحرب يعني ملاحقتهم وعزلهم من الحياة السياسية”.
وقال نور دعوة الجيش إلى تسليح المواطنين، “أكبر خطأ للبرهان في الفترة الأخيرة”. وقال إنها قد تقود البلاد إلى حرب أهلية لا تحمد عقباها. وأردف “الجيش هو من طالب المواطنين بالتسلح، وهم من طالبوا المواطنين بالاستنفار، وهذا يمكن أن يقود إلى حرب أهلية. كما أن انتشار السلاح في أيدي المواطنين له خطورة مستقبلية فالجيش نفسه لا يستطيع أن يسيطر على هذا السلاح الذي يوزعونه على المواطنين”.
ويأتي ذلك فيما تستمر المواجهات الضارية في البلاد منذ أشهر، ما أودى بحياة نحو عشرة آلاف شخص، وتسببت في نزوح سبعة ملايين سوداني. فيما سعت أطراف مختلفة – إقليمية ودولية – للوساطة بين طرفي القتال. واجتمع ممثلو الطرفين في جدة السعودية مرتين لكن تلك المساعي لم تكلل بالنجاح.
ونفت قوات الدعم السريع في السودان، تقارير صحفية منسوبة لقائدها حميدتي، تتحدث عن أن الحرب لن تتوقف دون تدخل دولي، ودعت وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والمصداقية في نقل الأخبار والمعلومات منعاً للتضليل وإغلاق الباب أمام أصحاب الغرض وترويج مثل هذه الأخبار الكاذبة، وأضافت “تأمل قوات الدعم السريع من الصحافيين التحلي بروح المسؤولية مع الأزمة التي تعيشها بلادنا، وأن يساهم الإعلام المهني في كشف الحقائق وعكس الوقائع لشبعنا الذي يعاني جراء الحرب والنزوح.”
وتابعت “نؤكد أهمية أجهزة الإعلام في إبراز الحقائق والمساهمة في الهم الوطني رغم علمنا التام بأن هذه المهنة طالتها أيضاً أيادي الفاسدين وفرخت خلال الثلاثين عاماً الماضية أبواقاً وانتهازيين وأصحاب غرض ومصلحة يسعون بين السودانيين بالفتنة والخراب”.