إقالات مفاجئة تهز جنوب السودان.. سلفاكير يُقصي نائبه من المشهد السياسي
أقال رئيس جنوب السودان سلفا كير، الأربعاء، نائبه بنيامين بول ميل من منصبه، وأنهى تكليفه أيضًا كنائب لرئيس الحزب الحاكم.
وكان يُنظر إليه على نطاق واسع كـ«خليفة محتمل» للرئيس.
كما شملت قرارات كير – التي بثها التلفزيون الرسمي مساء الأربعاء – إقالة الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الحاكم (SPLM) بول لوجالي جومي، ومحافظ البنك المركزي أديس أبابا أوثاو، ورئيس هيئة الإيرادات سيمون أكويي.
ووفق المرسوم، خُفّضت رتبة بول ميل عسكريًا بموجب المادة 51(4) من قانون جهاز الأمن القومي لعام 2014 المعدّل، التي تخوّل الرئيس معاقبة من يشتبه في ارتكابه جرائم ضد الدولة.
ورغم أن المرسوم لم يذكر الأسباب صراحة، إلا أن هذه المادة تشير إلى إمكان توقيف المشتبه بهم دون مذكرة واحتجازهم إذا ارتكبوا أفعالًا تُعد تهديدًا للأمن القومي.
صعود لافت ونهاية مفاجئة
برز اسم بول ميل، البالغ من العمر نحو 47 عامًا، كرجل أعمال ناجح في مجال البنية التحتية قبل دخوله المشهد السياسي.
فقد ترأس غرفة تجارة جنوب السودان وشغل منصب مستشار الرئيس للبرامج الخاصة، قبل أن يُعيَّن في فبراير/شباط الماضي نائبًا ثانيًا للرئيس ومسؤولًا عن الملف الاقتصادي في الحكومة.
وفي سبتمبر/أيلول، رُقّي إلى رتبة جنرال بأربع نجوم، مما وضعه في موقع نفوذ عسكري كبير داخل المؤسسة العسكرية.
ارتباط وثيق بالرئيس كير
كانت العلاقة بين كير وميل وثيقة لسنوات، إذ اعتُبر الأخير أحد أقرب المستشارين للرئيس وأكثرهم تأثيرًا، خصوصًا في الملفات الاقتصادية والسياسية الحساسة.
وفي مايو/أيار الماضي، عيّنه كير نائبًا أول لرئيس الحركة الشعبية (SPLM)، وهو المنصب الذي جعله الرجل الثاني في الحزب الحاكم بعد الرئيس مباشرة.
لكن قرار الإقالة أنهى هذه الشراكة فجأة، لتُفتح التكهنات حول الصراع داخل أجنحة الحزب وخطط الخلافة المستقبلية في البلاد.
عقوبات أمريكية وتجاذبات خارجية
كانت علاقة بول ميل بالولايات المتحدة محل توتر دائم؛ إذ فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب عام 2017 عقوبات مالية عليه وعلى شركته «ABMC Limited»، بتهم تتعلق بالحصول على عقود حكومية غير مشروعة لبناء طرق بملايين الدولارات.
ورغم مساعي جوبا المتكررة لرفع تلك العقوبات، فقد جددت واشنطن إجراءاتها ضده في أبريل/نيسان 2025.
ومنذ الاستقلال في عام 2011، واجهت الدولة الوليدة صراعات داخلية وحروبًا أهلية أودت بحياة نحو 400 ألف شخص بين عامي 2013 و2018، قبل أن تستعيد قدرًا من الاستقرار الهش.
وبحسب المرسوم الرئاسي، تولى أكول بول كورديت منصب الأمين العام للحركة الشعبية خلفًا لبول لوجالي، بينما عُيّن ويليام أنيون كول رئيسًا جديدًا لهيئة الإيرادات.
أما بول ميل، الذي كان حتى وقت قريب أحد أعمدة الحكم في جوبا، فقد وجد نفسه خارج المشهد السياسي والعسكري تمامًا، بعد أن جُرّد من مناصبه ورتبته، في واحدة من أكثر القرارات جرأة في تاريخ حكم سلفا كير.




