أوروبا تراجع مقاربتها للسودان: الإغاثة وحدها لا توقف تمدد الإخوان
تتواصل الحرب الدامية في السودان وسط انسداد سياسي وعسكري ينذر بمزيد من الفوضى، في وقت بدأت فيه العواصم الأوروبية تنظر إلى الصراع من زاوية تتجاوز المأساة الإنسانية إلى المخاطر الأمنية والفكرية المصاحبة له.
فالصراع لم يعد محصورًا في مواجهة بين أطراف عسكرية، بل تحوّل إلى ساحة مفتوحة لتغلغل قوى الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي يُنظر إليها كأحد العوامل المساهمة في إطالة أمد الأزمة وتعقيد مسارات الحل.
في هذا السياق، سلط تقرير لشبكة “سكاي نيوز عربية” الضوء على نقاشات متقدمة داخل المؤسسات الأوروبية، خاصة في البرلمان الأوروبي، حول مقاربة مزدوجة للأزمة السودانية تقوم على دعم الجهود الإغاثية من جهة، واحتواء تهديد الإخوان من جهة أخرى.
التقرير أشار إلى أن مسؤولين أوروبيين باتوا يعتبرون أن أي حل سياسي لا يمكن أن ينجح دون تحجيم نفوذ الجماعة التي تمتلك امتدادات داخل مؤسسات الدولة وشبكات مدنية ومالية تستفيد من حالة الفوضى والانقسام.
المخاوف الأوروبية لا تنطلق فقط من الداخل السوداني، بل من التداعيات الإقليمية والدولية للحرب، حيث تخشى بروكسل من أن يتحول السودان إلى منصة جديدة لنشاط الإسلام السياسي العابر للحدود، بما في ذلك إعادة تموضع عناصر إخوانية فقدت نفوذها في دول أخرى.
ويؤكد مراقبون أن الجماعة تحاول استثمار حالة الانهيار المؤسسي لإعادة إنتاج نفسها كفاعل سياسي “مدني”، بينما تعمل في الواقع على اختراق مسارات التسوية والتحكم في مفاصل القرار.
كما يبرز البعد الأمني كعامل حاسم في المقاربة الأوروبية، خاصة مع تصاعد القلق من موجات هجرة غير نظامية قد تنطلق من السودان نحو شمال إفريقيا ثم أوروبا، وهو ما تعتبره بعض الدوائر الأوروبية نتيجة مباشرة لفشل الدولة وسيطرة شبكات أيديولوجية منظمة على الأرض.
وتذهب تحليلات إلى أن ترك الإخوان دون مساءلة سيؤدي إلى إعادة تدوير الأزمة بدل احتوائها.
في ضوء ذلك، تتجه أوروبا إلى تشديد خطابها تجاه الإسلام السياسي، مع تزايد الدعوات لعدم الفصل بين العمل الإغاثي والبعد السياسي للصراع، وضرورة منع الجماعات المؤدلجة من استغلال المساعدات الإنسانية كغطاء للنفوذ.
ويخلص متابعون إلى أن الحرب السودانية كشفت مجددًا أن الإخوان ليسوا جزءًا من الحل، بل أحد وجوه الأزمة التي تعيق أي انتقال حقيقي نحو الاستقرار والسلام.




