تحقيقات

أزمة ثقة في الفاشر.. اتهامات للقيادة بالفساد ونهب مخصصات الغذاء


أفاد عدد من جنود الجيش السوداني المتمركزين في مدينة الفاشر. عاصمة ولاية شمال دارفور، بأن أزمة الجوع باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لاستمرارهم في القتال ضد قوات الدعم السريع، في حرب تجاوزت عامها الثاني دون مؤشرات على الانفراج.

وأكد جنود من وحدات عسكرية تقاتل إلى جانب الفرقة السادسة مشاة، أن نقص الغذاء أصبح أكبر خطر يواجههم في الوقت الراهن، ما دفع المئات منهم إلى الفرار من مواقعهم. فيما اضطر آخرون إلى نهب منازل المدنيين الذين غادروا المدينة هربًا من القتال، في محاولة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

وكشفت مصادر مطلعة داخل الفرقة السادسة بالفاشر أن الأزمة الغذائية المتفاقمة أثارت حالة من التذمر وسط الجنود. وفتحت الباب أمام شبهات تتعلق بسوء التصرف في أموال تم تحويلها من القيادة المركزية في يناير الماضي، كانت مخصصة لتوفير احتياجات المقاتلين الغذائية.

وبحسب المصادر، فقد شكّلت قيادة الجيش لجنة تحقيق للنظر في هذه التقارير، واستدعاء قيادات الفرق العسكرية، بما فيها القوات المستنفرة والقوة المشتركة. للتحقيق في ملابسات تدهور الأوضاع المعيشية داخل الوحدات القتالية.

وتضم مدينة الفاشر أربع فرق عسكرية كانت قد انسحبت من مواقعها الأصلية في مدن نيالا، زالنجي، الجنينة، والضعين، بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على تلك المناطق. وتقاتل الآن إلى جانب الفرقة السادسة في محاولة لاستعادة السيطرة على الإقليم.

وقال جندي من الفرقة 16 مشاة، التي كانت تتمركز سابقًا في نيالا، ويقاتل حاليًا في الفاشر، إن نقص الغذاء أصبح أكبر عائق يهدد تماسك المقاتلين. مشيرًا إلى أن العشرات فرّوا من مواقعهم، بينما انضم آخرون إلى صفوف قوات الدعم السريع.

وأضاف أن الفرقة فقدت عددًا من عناصرها نتيجة الهجمات اليومية التي تشنها قوات الدعم السريع على المدينة، مؤكدًا أن الجنود ما زالوا يقاتلون، لكن الجوع بات يهدد قدرتهم على الصمود.

وأشار إلى أن رداءة الوجبات الغذائية أضعفت الجنود وأفقدتهم طاقتهم. ما أثر سلبًا على قدرتهم في الاستمرار بالقتال، ودفع بعضهم إلى مغادرة المدينة. محمّلًا قيادة الفرقة 16 مسؤولية ما وصفه بانهيار الوضع المعيشي داخل الوحدات القتالية.

وأفاد أحد الجنود المنتمين إلى الفرقة 21 بمدينة زالنجي، في تصريح لموقع “دارفور24″. بأن مدينة الفاشر شهدت خلال الأشهر الماضية موجة واسعة من فرار الجنود التابعين للفرقة، كان آخرها هروب ثلاثة جنود في الأسبوع المنصرم. وأوضح أن عدداً من هؤلاء الفارين التحقوا بصفوف قوات الدعم السريع، مرجعاً ذلك إلى تدهور الأوضاع المعيشية وتدني الأجور. ما دفعهم إلى اتخاذ قرارات مصيرية بحثاً عن ظروف أفضل.

وأشار الجندي إلى أن مدينة الفاشر تعاني حالياً من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، إلى جانب ندرة معظم السلع الأساسية في الأسواق، الأمر الذي فاقم من معاناة الجنود وأسرهم.

وأضاف أن الرواتب الحالية لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، محملاً المسؤولية لمن وصفهم بالمتلاعبين في ميزانية الإمداد العسكري. والتي من المفترض أن تضمن توفير الغذاء والاحتياجات الضرورية للمقاتلين.

وفي السياق ذاته، عبّر جندي آخر من الفرقة 20 بمدينة الضعين عن استيائه من الظروف المعيشية المتدهورة التي يعيشها الجنود في الفاشر. مؤكداً أن بعضهم بات عاجزاً عن حمل السلاح بسبب الإنهاك الناتج عن الجوع.

ووصف الوضع بأنه “وصمة عار على جبين قيادة الجيش السوداني”، في إشارة إلى ما اعتبره تقصيراً واضحاً في رعاية الجنود وضمان الحد الأدنى من مقومات الحياة لهم.

من جانبه، أكد ضابط في قيادة الفرقة السادسة مشاة، فضل عدم الكشف عن هويته. أن القيادة تلقت تقارير تفيد بتدهور أوضاع عدد كبير من الجنود في الفاشر.

وأوضح أن ميزانية الفرق العسكرية في المدينة تُرسل بشكل منفصل من قيادة الجيش السوداني إلى كل فرقة على حدة، بهدف تأمين المواد الغذائية للمقاتلين في وقت مبكر. إلا أن هذه الميزانيات لا تحقق الغرض المنشود في ظل الظروف الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى