أزمة السودان.. جبهة جديدة للقتال بدارفور تفاقم معاناة المدنيين
رغم أن الحرب في السودان دخلت عامها الثاني منتصف الشهر الجاري، فإن الصراع ما زال محتدما دون أفق للحل السياسي.
ومع ارتفاع وتيرة القتال، شهد غرب السودان فتح جبهات قتالية جديدة في دارفور، مما أسفر عن آلاف القتلى، وملايين النازحين واللاجئين دون حل سياسي يلوح في الأفق.
وقالت مصادر عسكرية إن قوات الدعم السريع تعتزم تنفيذ هجوم على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي ظلت بمنأى عن الصراع منذ اندلاع الحرب 15 أبريل/نيسان 2023.
وطبقا للمصادر، فإن قوات “الدعم السريع“، ستدخل الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، قريبا، وطرد قوات الجيش السوداني، و”القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح”، التي تخلت عن الحياد، وقررت الانخراط في القتال.
لكن مصادر في حركات الكفاح المسلح، أبلغت أن قواتها لن تقف مكتوفة الأيدي، وتقف بكل قوة للتصدي لمحاولة اقتحام قوات “الدعم السريع” للمدينة.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلن كل من رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، وجبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، ومصطفى تمبور، قائد إحدى فصائل حركة تحرير السودان، الخروج عن الحياد والوقوف إلى جانب الجيش السوداني، والقتال إلى جانبه.
قتلى وجرحى
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلفت نحو 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
اشتباكات الفاشر كانت سببا في تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة التي كانت مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات.
ويتحدث مسؤولون عن أن نحو 800 ألف شخص في الفاشر يواجهون خطرا شديدا ومباشرا في ظل تفاقم أعمال العنف والتهديد بإطلاق العنان لصراع قبلي دموي في جميع أنحاء دارفور.
وتسيطر قوات “الدعم السريع” حاليا على 4 من عواصم ولايات دارفور الخمس، ما عدا الفاشر التي تضم مجموعات مسلحة كانت تعهدت مؤخرا بالوقوف على مسافة واحدة من طرفي الحرب، لكنها انزلقت في القتال المسلح.
ومع تصاعد وتيرة العنف بالمنطقة، قال مسؤول حكومي رفيع بولاية شمال دارفور، إن حصيلة القتلى والجرحى، إثر الاشتباكات بين الجيش السوداني بالتضامن مع حركات المسلح، وقوات “الدعم السريع“، بلغت أكثر من 200 قتيل وجريح بالولاية.
وأقر المسؤول الحكومي الذي فضل حجب هويته، بتدهور المرافق الصحية في الولاية، وانعدام الأدوية والمحاليل الوريدية والمضادات الحيوية.
وطبقا للمسؤول الحكومي، فإن المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى، تعاني انقطاع الكهرباء والمياه، ونقص الطواقم الطبية، الأمر الذي ينذر بكارثة في ظل استمرار المعارك الحربية دون توقف في المنطقة.
ولجأ آلاف النازحين إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بعدما ظلت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب الدائرة في البلاد منذ عام.
تحذير دولي
وحذَّر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، مجلس الأمن الدولي من مخاطر تحدق بحوالي 800 ألف شخص في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، إن البلاد تشهد “أزمة ضخمة من صنع الإنسان بالكامل”، بعد مرور عام على بدء الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي.”
وأضافت أن “الأطراف المتنازعة تجاهلت بشكل متكرر الدعوات لوقف الأعمال العدائية، بما فيها تلك الصادرة عن هذا المجلس. وبدلا من ذلك، سرعوا استعداداتهم لمزيد من المعارك”، مشيرة إلى مواصلة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع حملاتهم لتجنيد المدنيين.
وأعربت عن قلقها إزاء تقارير بشأن هجوم وشيك محتمل قد تشنه قوات الدعم السريع على الفاشر، وهو ما يثير خطر فتح جبهة جديدة في النزاع.
واعتبرت أن المعارك في الفاشر يمكن أن تؤدي إلى صراع دموي بين المجموعات السكانية في أنحاء دارفور، وتزيد من إعاقة توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة باتت بالفعل على شفا مجاعة.
إثارة العنف
بدورها، قالت مديرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، أديم أوسورنو: إن “ثمة تقارير مستمرة بشأن معارك في الأجزاء الشرقية والشمالية من الفاشر، مما تسبب في نزوح أكثر من 36 ألف شخص”، مشيرة إلى أن منظمة “أطباء بلا حدود”، عالجت أكثر من 100 ضحية في المدينة خلال الأيام الأخيرة.
وأشارت إلى أن “العدد الإجمالي للضحايا المدنيين يرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير”، وحذرت من أن “أعمال العنف هذه تشكل خطرا شديدا وفوريا على 800 ألف مدني يعيشون في الفاشر، وهذا يهدد بإثارة مزيد من العنف في أجزاء أخرى من دارفور.
كما قالت مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، روزماري ديكارلو، في جلسة مجلس الأمن، إن الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة مع الجيش السوداني تقترب من الفاشر.
وأوضحت أن القتال في الفاشر قد يطلق العنان لصراع قبلي دموي في جميع أنحاء دارفور، ورددت تحذيرا مشابها أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل عدة أيام.
وحسب الأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 25 مليون نسمة، أي نصف عدد سكان السودان، بحاجة إلى المساعدة، علما بأن نحو 8 ملايين شخص فروا من منازلهم بسبب الحرب.