أحداث

وقود غير مرئي للحرب: الدور الأيديولوجي للإخوان في النزاع السوداني


تستمر الحرب في السودان في جعل الصراع مؤجلًا بلا نهاية واضحة. وسط تصاعد اتهامات متبادلة بين الأطراف المتحاربة. لكن اللافت في المستجدات الأخيرة هو تصاعد الحديث الدولي عن دور تنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين في إطالة أمد الحرب وتعقيدها سياسيًا وعسكريًا. 

وتُظهر التطورات أن الحرب لم تعد مجرد نزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع فقط، بل امتدّت لتشمل أبعادًا أيديولوجية ونفوذًا إخوانيًا. مما ألقى بظلال ثقيلة على فرص السلام والاستقرار في البلاد. 

في جلسة خاصة عقدها البرلمان الأوروبي في بروكسل حول الأزمة السودانية. تناول خبراء الأمن والسياسة تزايد النفوذ الإخواني داخل الجيش وجزء من الأجهزة الأمنية، معتبرين أن هذا النفوذ لا يختزل في ميليشيات ميدانية فقط، بل يتغلغل في أطر رسمية تؤثر في قرارات الحرب والاستراتيجية العامة، ما يُعقّد أي جهد نحو وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. و أشار الخبير الأمني الفرنسي إلى أن عصر حكم عمر البشير وتحالفه مع القيادات الإخوانية، وعلى رأسها حسن الترابي، خلق جيشًا “مُسيسًا ومؤدلجًا” لا يزال تأثيره قائمًا حتى بعد الإطاحة بالنظام السابق، بل امتد إلى قيادة المؤسسة العسكرية الحالية. 

هذا التغلغل الإخواني، بحسب الخبراء الأوروبيين، لم يأتِ بمحض الصدفة. بل هو نتاج تراكمات تاريخية وتفاعلات معقدة بين السياسة والأيديولوجيا داخل السودان. 

وأن ذلك التغلغل يعطي للإخوان قدرة غير مباشرة على تشكيل مسارات الصراع. بما في ذلك رفض مبادرات وقف إطلاق النار أو التفاوض بجدية مع القوى المدنية. خصوصًا إذا كان ذلك يضيع مكاسبهم أو يخفض من نفوذهم داخل المؤسسة العسكرية.

 كما أعربت نائبة في مجلس الشيوخ الفرنسي عن قلقها من أن استمرار هذا النفوذ قد يتحوّل إلى تهديد أوسع للاستقرار الإقليمي. كما قد تستغله قوى دولية وإقليمية في سياق تنافسات أكبر، وهو ما يُعمّق الأزمة بدلًا من تهدئتها.

تكشف هذه المستجدات أن الحرب في السودان ليست مجرد نزاع عسكري تقليدي. بل صراع متعدد الأبعاد يستفيد فيه تنظيم الإخوان من شبكاته التاريخية والتحالفات الأيديولوجية لتشديد قبضته على بعض مفاصل القرار، الأمر الذي يبعث برسائل مقلقة حول إمكانية تحقيق حل سياسي شامل بدون معالجة جذور النفوذ الإخواني داخل المؤسسة العسكرية. 

وتؤكد هذه التحليلات أن الإخوان لا يزالون لاعبًا مؤثرًا في مسارات الصراع. وقد يكون أحد أهم العوائق أمام جهود السلام في السودان — ما يستدعي مراجعات جدّية للسياسات الدولية والإقليمية تجاه الأزمة. بعيدًا عن النظرة السطحية للصراع كمعركة عسكرية بحتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى