واشنطن تعين مبعوثًا جديدًا لمحاولة وقف الحرب في السودان
توقع خبراء أن ينجح المبعوث الأمريكي الجديد للسودان، في تحقيق اختراق في الأزمة السودانية، بما يقود إلى وقف الحرب وإعادة الاستقرار إلى البلد الذي أصبح على شفا التمزق.
ومن المنتظر أن يتم تعيين مبعوث أمريكي جديد للسودان في يناير كانون الثاني المقبل، بعدما أجاز الكونغرس قبل يومين اقتراح التعيين.
ووافق الكونغرس الأمريكي على اقتراح تعيين مبعوث رئاسي خاص للسودان لفترة عامين، وصدر القرار تحت الرقم 7204.
ووفقاً للقرار، يتم التعيين بواسطة الرئيس بناءً على مشورة وموافقة مجلس الشيوخ، على أن يبدأ في موعد لا يتجاوز 90 يوماً من صدور القرار؛ ما يعني أن التعيين سيحدث في عهد الرئيس الجديد، دونالد ترمب، الذي ستبدأ ولايته في 20 يناير المقبل.
ويأتي المبعوث الجديد خلفاً للمبعوث المؤقت الحالي، توم بيرييلو، الذي تم تعيينه في فبراير شباط الماضي، دون أن يحقق أي اختراق يُذكر على الأصعدة كافة؛ إذ رفض قائد الجيش السوداني جميع المبادرات التفاوضية التي تقدم بها بيرييلو.
ووفقاً للقرار الأمريكي، سيتولى المبعوث الخاص الجديد قيادة الجهود الدبلوماسية الأمريكية المتعلقة بالسودان، مع التركيز على دعم الجهود السياسية لحل النزاع، ومعالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب.
وينص القرار على أن يقدم المبعوث الخاص تقاريره مباشرة إلى وزير الخارجية، مع التشاور المستمر مع لجان الكونغرس المختصة لإطلاعها على المستجدات.
وحدد القرار أولويات المبعوث الجديد في “بذل الجهود لإنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ 19 شهرًا، ورسم مسار مستقبلي للسلام المستدام، ودعم التحول الديمقراطي، إضافة إلى متابعة تنفيذ السياسات بالتنسيق مع الجهات المختصة في وزارة الخارجية والشركاء المحليين والدوليين”.
وقف الحرب
وتعليقاً على جهود المبعوث الأمريكي الجديد للسودان، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبو عبيدة برغوث، إن الخيارات الدولية المطروحة على الطاولة باتت واضحة.
وعبر برغوث عن اعتقاده أن المبعوث الأمريكي الجديد للسودان سينجح في مهمة وقف الحرب، “لأن إدارة ترامب قد تعمل بجد على هذا الملف، خصوصاً أن السياسة الأمريكية تبدو داعمة للاستقرار ووقف الحروب في المنطقة”.
وأوضح أن هنالك مؤشرات عديدة على أن المبعوث الأمريكي الجديد للسودان، سينجح في مهمة وقف الحرب، من بينها وجود دول أخرى في المنطقة غير راغبة في استمرار الصراعات في الإقليم.
وأشار إلى أن النموذج السوري يدل على أن العالم لا يريد حروباً وأنه يسعى لأن يكون هنالك استقرار من أجل الاستفادة من الموارد والتبادل التجاري واستمرار المنفعة الاقتصادية، وفق قوله.
وأضاف أن “المبعوث الجديد ستكون أولى توجهاته الضغط على الأطراف المتصارعة ودفعها للجلوس للتفاوض، وفي حال رفض أحد الأطراف الذهاب إلى الطاولة ستكون خيارات فرض السلام بالقوة هي الأكثر ترجيحاً”، وفق قوله.
ولم تنجح السياسية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، بإنهاء الحرب في السودان رغم تعيين واشنطن مبعوثاً خاصاً للخرطوم، هو توم بيرييلو، الذي سعى لذلك، مدة 8 شهور، مع الأطراف السودانية، لكنه في النهاية فشل في إحداث أي اختراق في ملف الأزمة.
وفور إعلان ترامب فوزه بالرئاسة الأمريكية، سارعت الأطراف السودانية إلى تهنئته بالفوز، معلنة استعدادها للعمل معه لإنهاء الحرب في البلاد.
وأشار برغوث إلى أن إدارة بايدن لم تتمكن من إجبار أطراف الصراع السوداني على وقف الحرب عبر التفاوض، مبيناً أن قوات الدعم السريع أبدت مرونة في التعامل مع المبادرات الدولية والإقليمية، بينما ظل الجيش السوداني رافضاً لكل الدعوات لوقف إطلاق النار.
وأضاف أن “المبعوث السابق لم يصطدم بعقبات فقط، وإنما برفض كامل وتعنت من قبل الجيش السوداني لعملية السلام، لذلك فإن المبعوث الأمريكي الجديد يحتاج إلى استخدام أدوات ضغط تجبر (قائد الجيش السوداني عبد الفتاح) البرهان على الذهاب إلى التفاوض، وأظنه يستطيع أن يفعل ذلك”.
ونوه برغوث بأن البرهان ظل يتبع أسلوب المراوغة؛ إذ يمنح الضوء الأخضر في البداية، ثم يتراجع بضغط من مجموعة نظام الرئيس السابق عمر البشير، معتبراً أن النظام السابق يسعى إلى شرعية تمثيله للسودان لضمان العودة إلى السلطة، رغم صعوبة تحقيق ذلك.
مصالح واشنطن
في المقابل قلل المحلل السياسي عمار الباقر، من فاعلية المبعوث الأمريكي المنتظر في إحداث اختراق في الملف السوداني، مشيراً إلى أن وقف الحرب وفق المعطيات الآنية ما زال بعيد المنال.
وقال الباقر إن تقاطع المصالح الدولية في السودان يشل قدرة الولايات المتحدة على فرض السلام من خلال حمل الأطراف المتقاتلة على الذهاب إلى طاولة التفاوض.
وتوقع أن يستمر الجيش في المراوغة حيال مبادرات التفاوض دون أن تستطيع واشنطن إجباره على فعل ما لا يريد.
وأضاف أن “تاريخ الجيش السوداني في جميع الحروب التي خاضها ضد حركات التمرد في جنوب السودان ودارفور ليس فيه ما يدل على رغبته في إنهاء الحرب عبر التفاوض”.
وأشار إلى أن المبعوث الأمريكي الجديد سيحاول الضغط على أطراف الحرب من أجل التوصل لاتفاق يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، مبيناً أن واشنطن حتى الآن غير متضررة من استمرار الصراع في السودان.