أحداث

هزيمة الجيش السوداني في ود مدني تغير حسابات الصراع


 سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني المحورية في قلب السودان في غضون أربعة أيام فقط. وشكلت هذه السيطرة السريعة صدمة للجيش السوداني وأثارت تساؤلات حول قدراته ومصداقيته والتزامه بحماية المدنيين، كما تشير إلى تغير في معادلة المعركة.

وأكد الجيش مساء الثلاثاء انسحابه من المدينة التابعة لولاية الجزيرة، والتي تقع على مسافة 180 كلم جنوب الخرطوم، بعدما ظلت بعيدة عن القتال الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن هذه الخسارة ألقت بظلال من الشك على مستقبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، بينما تقول مصادر أن هناك صراعات داخل القوات المسلحة وبعض الضباط ناقمين على قيادة الجيش. ويحذر المحللون من أن دول الجوار قد تنجرف إلى الصراع مع زيادة نزيف الدماء حيث أودت الحرب بحياة ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، على الرغم من أن العدد الفعلي يعتقد أنه أعلى بكثير.

اعتماد الجيش على الميليشيات القبلية خلال نظام عمر حسن البشير وعدم قدرته على التكيف مع متطلبات الصراع المستمر كشفا عن نقاط ضعفه.

وفر حوالي 300 ألف شخص من ود مدني في الأيام الأخيرة، مما دفع الأمم المتحدة إلى الإعلان عن مخاوفها بشأن العمليات الإنسانية، فيما علقت وكالات الإغاثة أنشطتها ونقلت الأمم المتحدة موظفيها إلى مناطق أكثر أمانًا. وصرحت صوفي كارلسون، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، “لقد عاش الشعب السوداني ثمانية أشهر من الرعب والوضع الإنساني يزداد سوءًا”.

ووسط هذه الفوضى يحاول الناس فهم تكتيكات الجيش والجنرال البرهان، وقد نجحت قوات الدعم السريع المسلحة بصواريخ مضادة للطائرات قدمتها مجموعة فاغنر الروسية، في التصدي للتفوق الجوي للجيش.

ويعزو الخبراء انتكاسات الجيش إلى قضايا تاريخية، مشيرين إلى اعتماده على الميليشيات القبلية خلال نظام عمر حسن البشير، كما أن عدم قدرة الجيش على التكيف مع متطلبات الصراع المستمر قد كشفت عن نقاط ضعفه.

وقد يشجع سقوط ود مدني قوات الدعم السريع على التوجه إلى مدن رئيسية أخرى مما يشكل تطورا مهما في خارطة السيطرة على المناطق السودانية. وقد ألمح قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو إلى طموحات أوسع، مشيرًا إلى أن قواته لن تصبح جيشًا بديلًا، مما قد يقوض سلطة الجنرال البرهان.

ومع تطور الوضع، تزداد المخاوف من التدخل الأجنبي الذي قد يسهم في تفاقم الصراع كما أن عدم استقرار السودان سيكون له عواقب بعيدة المدى على المنطقة.

في الوقت الحالي، يواجه السودانيون مستقبلاً مجهولاً حيث يعانون من النزوح ونقص الموارد وتفاقم الأزمة الإنسانية. وقال الجيش السوداني في بيانه إن قوات رئاسة الفرقة الأولى انسحبت من مدينة ود مدني، الاثنين الموافق 18 ديسمبر/كانون الأول 2023. وحسب بيانه “يجري التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدت لانسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية”. وسيتم رفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام، وفق البيان.

ونشرت حسابات قوات الدعم السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر خلاله بعض عناصرها داخل “ود مدني”. وتوعدت بـ”ملاحقة” الفلول في جميع ولايات السودان، بعد “تحرير ولاية الجزيرة”.

وقوات الدعم السريع تنتشر حاليا في ود مدني في الوقت الحالي وبسطت سيطرتها الكاملة على المدينة، وشكلت “قوى أمنية” لحماية المؤسسات الهامة، ودعت المواطنين لإدارة شؤونهم في المدنية، وتقول مصادر أنه تدور معارك بين الطرفين في محاولة من الجيش استعادة السيطرة على المدينة، لكن مستشار قائد قوات الدعم السريع محمد المختار نور أكد أن دخول ود مدني جاء بناءً على “ترتيبات فنية عسكرية محددة ومحكمة”. فهي تحمل أهمية استراتيجية واقتصادية وتربط عددا كبيرا جدا من ولايات سودانية، والسيطرة عليها تعني السيطرة على (قلب السودان)”.

ويمكن للاستيلاء على ود مدني أن “يغير من مواقف الدول الإقليمية تجاه الحرب بالسودان”، وفق مستشار قائد قوات الدعم السريع. وهناك من يرى أن “الحرب تتجه إلى نهايتها”، لكن على الدول أن تسعى نحو إنهاء ووقف الحرب والضغط على الجيش لاستكمال المشاورات حول عملية وقف العدائيات والوصول لتسوية سياسية شاملة للأزمة السودانية. ويعتقد أن “بعض دول إيغاد” غيرت مواقفها تجاه البرهان والتزاماته، بعد رغبته في “استمرار الحرب وتمديد رقعتها”.

وسعت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والولايات المتحدة. والسعودية للتوسط في إنهاء الصراع الدائر بين الطرفين اللذين يتهمان بقصف مناطق سكنية بشكل عشوائي واستخدام المدنيين دروعا بشرية ونهبهم ومضايقتهم. وفق وكالة “فرانس برس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى