أحداث

“معارك كسر عظم” في الفاشر.. من يسيطر على المدينة السودانية؟


تشهد مدينة الفاشر شمالي دارفور، معارك ضارية منذ 3 أيام، بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، وهي معارك وصفها محللون بأنها تشهد “كسر عظم” في محاولة لحسم السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية.

ووفق محللين وخبراء، فإن حسم السيطرة على الفاشر من أي طرف، سيفتح الباب أمامه للتقدم نحو عمق الطرف الآخر المنهزم، وهو ما يزيد احتدام المعارك.

وأكدت مصادر ميدانية في الفاشر أن المعارك تجددت يوم الأحد في الأحياء الجنوبية الشرقية من المدينة، وسط استمرار القصف الجوي للطيران الحربي التابع للجيش السوداني.

وبينما أشارت المصادر إلى تقدم قوات الدعم السريع، أكدت أن الارتباك يسود صفوف معسكر الجيش بسبب تداعيات قصف الطيران الحربي بالخطأ لمقر قيادته بالفرقة السادسة بالفاشر.

وكان الطيران الحربي التابع للجيش السوداني قصف، يوم السبت، مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة له في الفاشر، ما أسفر عن مقتل 5 جنود وإصابة آخرين، وفق بيان رسمي، بينما تشير تقارير إلى أن الغارة خلفت عشرات القتلى والجرحى.

وقالت المصادر الميدانية إن الطيران الحربي التابع للجيش قصف مقر سلاح النقل بالفرقة السادسة، وتزامن القصف مع انفجارات ضخمة في محطة وقود قرب قيادة الجيش، بعد أن تعرضت لقصف مدفعي من قبل قوات الدعم السريع.

وفجرت حادثة قصف الطيران لمقر قيادة الجيش بمدينة الفاشر، خلافات حادة داخل معسكر الجيش، ما أدى إلى وقوع اشتباكات وتصفيات داخلية بحسب ما نقله موقع “دارفور 24”.

ونقل الموقع عن مصادر عسكرية في قيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر، يوم الأحد، قولها إن اثنين من الضباط تمت تصفيتهما داخل الفرقة عقب حادثة القصف الجوي، بينما فرّ ضباط آخرون بينهم قائد الاستخبارات بالفرقة.

وأكد أن قيادة الجيش في الفرقة السادسة مشاة شهدت تذمرًا واسعًا واتهامات بالخيانة، عقب الغارة الجوية الخاطئة، وكادت أن تشهد انفجارًا لولا تدخل قائد ثانٍ لاحتواء الموقف.

وأضاف أن “الضابطين المقتولين أحدهما متهم بالوقوف وراء جهاز التشويش، وآخر برتبة ملازم قلل من حجم الحادثة، بينما وجه الضابط الثالث المصاب، وهو برتبة مقدم ومسؤول عن السيطرة، طاقم الطائرة بضرب الموقع”.

كسر عظم

ووصف المحلل السياسي، علي الدالي، المعارك التي تدور حاليًا في مدينة الفاشر بأنها “معارك كسر عظم”، إذ يحاول كل طرف أن يحطم الآخر، ويكسب مواقع سيطرة جديدة.

وقال الدالي إن مدينة الفاشر التي تحتدم فيها المعارك منطقة استراتيجية، ويمكن أن تحسم الصراع في دارفور، وتعطي قوات الدعم السريع فرصة للتوغل نحو شمال السودان وكردفان.

وأشار إلى أن مدينة الفاشر تربط بين مدن كثيرة خصوصًا مع مدينة الدبة في الولاية الشمالية، التي يتجمع فيها ملتقى طرق يربط كل السودان، ويمكن أن تتوغل عبره قوات الدعم السريع شمالًا وشرقًا ووسطًا.

وأكد الدالي أن قوات الدعم السريع تحاول من خلال السيطرة على الفاشر أن تفتح طرق إمدادات جديدة، موضحًا أن الفاشر ستحسم الصراع في دارفور تمامًا.

وذكر أن الجيش السوداني  يحاول التمسك بمدينة الفاشر بكل السبل، لأنها مدينة مهمة وتأثيرها خطير في الصراع الدائر الآن، كما أن القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش هي الأخرى مصيرها مرتبط ببقاء الفاشر في يدها، لأن المدينة تمثل مقر قيادة، ما يجعل الصراع حولها عنيفًا للغاية، وفق قوله

مستقبل السلام

وأضاف الدالي أن “مستقبل السلام نفسه سيكون رهينًا بالفاشر، فإذا سقطت المدينة يمكن لقوات الدعم السريع أن ترفض الذهاب إلى التفاوض، ويمكنها أن تضع شروطًا جديدة، لأنها ستكون وقتها اكتسبت أهمية جديدة بالسيطرة الكاملة على إقليم دارفور، وستحاصر إقليم كردفان، جنبًا إلى جنب مع سيطرتها على مناطق عديدة وسط السودان”.

وكانت مصادر متطابقة كشفت عن حشود عسكرية مكثفة لقوات الدعم السريع؛ لحسم السيطرة على مدينة الفاشر شمالي دارفور.

وقالت إن قوات الدعم السريع في جبهة الفاشر تعمل في الوقت الراهن على تنسيق المهام بين المستنفرين الذين يقاتلون في صفوفها وقواتها النظامية، قبل بدء الهجوم على المدينة.

وأكدت أن التحضير لإسقاط الفاشر قطع شوطًا كبيرًا، بعدما تم توفير كل المساعدات اللوجستية المطلوبة من سلاح ووقود وغيره، ويتوقع أن يبدأ خلال الأيام المقبلة.

وكان الصحفي المتابع للأوضاع في إقليم دارفور، محيي الدين زكريا، قال في وقت سابق، إن “هنالك مؤشرات على سقوط مدينة الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع، منها الحشود الكبيرة التي تتدفق تجاه المدينة”.

وأشار إلى أن “قوات الدعم السريع تعتزم حسم وضعية السيطرة على الفاشر، حتى تتمكن من السيطرة على كامل إقليم دارفور، كما أن لديها معلومات بحصول الجيش على أسلحة متطورة، ما يجعلها تستبق ذلك بالسيطرة على الإقليم كاملًا”.

وأكد أن “الدعم السريع ترى أن سيطرتها على المدينة يجعلها تكسر شوكة الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحصنة بالمدينة؛ وهو ما يضعف مواقف الجيش في أي مفاوضات مقبلة”.

وقال عضو اللجنة السابقة لتفكيك نظام البشير، صلاح مناع، إن سقوط  مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع يعني نهاية حركات الارتزاق إلى الأبد، وفق قوله.

وأضاف على منصة “إكس” أن “البرهان حارب حركات دارفور في بداية الكفاح المسلح في دارفور عام 2003 تحت قيادة الفريق الدابي، وهو الآن يتخلص من حركات دارفور، وهي تحارب معه من أجل المال، ضد الدعم السريع في حرب الكرامة ومشروع الحركة الإسلامية للعودة إلى السلطة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى