أحداث

مخاوف من جر السودان إلى حرب أهلية نتيجة التسليح العشوائي


نشطت في السودان عمليات تسليح واسعة للمدنيين يقودها الجيش في عدد من الولايات الواقعة تحت سيطرته، مترافقة مع تحشيد قبلي وسط السكان، لأجل مواجهة قوات الدعم السريع حال تقدمها نحو هذه الولايات.

وحسب عمليات التسليح التي انطلقت في ولايات “نهر النيل والشمالية والقضارف والبحر الأحمر وكسلا” تشرف عليها شخصيات معروفة الانتماء لحزب “المؤتمر الوطني” المنحل، تتولى حاليًا مناصب في حكومات هذه الولايات.

كما يتولى الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي، لعمليات تسليح المدنيين، إعلاميون وناشطون ينتمون أيضًا للحزب الحاكم في عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير، حيث أطلقوا على هذا التسليح مسمى “المقاومة الشعبية”.

دعوة حق أريد بها باطل

في المقابل، حذرت القوى السياسية والمدنية المناهضة للحرب، من أن عمليات التحشيد القبلي وتسليح المدنيين الجارية، ستجر البلاد نحو الحرب الأهلية، مشيرة إلى أن “ذلك مخطط أنصار نظام البشير حال فقدوا الأمل في العودة إلى السلطة”.

وقال القيادي البارز في قوى الحرية والتغيير محمد الفكي سليمان، على منصة “إكس”، إن “المقاومة الشعبية” التي يجري باسمها تسليح المدنيين، هي دعوة حق أريد بها باطل وهي تتغذى بالأساس من مخاوف المدنيين الذين تركتهم دولتهم دون حماية في مواجهة انتهاكات المتحاربين.

وأضاف أن “المتابع لخطاب الاستنفار يجد في جوهره أصل الحرب لأن العملية بأكملها يديرها فلول النظام السابق حيث تكَشفَ خطابهم بصورة واضحة خلال الأيام السابقة بالهجوم المباشر والاعتقالات وسط قوى الثورة”.

ودعا الفكي الجيش السوداني إلى إصدار بيان واضح عن خطوات التسليح الجارية الآن ومن يقوم بها وكيف سيجمع هذا السلاح مستقبلاً، موضحًا أن ما يحدث الآن يؤكد أن إيقاف الحرب واجب لا يقبل التأجيل قبل أن نصل إلى مرحلة الحرب الأهلية الشاملة.

الفوضى المسلحة

بدوره حذر رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي وعضو الحرية والتغيير، بابكر فيصل، من دخول البلاد في نفق الفوضى المسلحة كنتيجة حتمية لحملة التسليح التي تقف خلفها جهات تريد التحكم في قيادة الجيش السوداني.

وقال على موقع “فيسبوك” إن “حملات التعبئة التي يقودها دعاة استمرار الحرب من الفلول وغيرهم والتي ترتكز على تسليح المواطنين بصورة كبيرة، ستؤدي لكسر منظومة “القيادة والسيطرة” لدى الجيش عبر عصيان الحشود المسلحة، التي تُحرِّك القائمين على أمرها أهدافاً سياسية تتجاوز قضية الدفاع عن النفس، لقرارات قيادة الجيش، وهو ما يعني في التحليل الأخير دخول البلد في نفق الفوضى المسلحة”.

وأوضح أن الحرب الأهلية الشاملة باتت أقرب من أي وقت مضى، مضيفًا: “كما حذرنا من الحرب قبل اندلاعها واعتبر البعض تحذيرنا حيلة للعودة للسلطة، فإننا نكرر التحذير وندعو لتوحيد وتقوية الصف المدني الداعي لوقف الحرب باتخاذ خطوات جادة وسريعة من أجل الضغط على الطرفين المتحاربين”.

وأكد أنَّ تأخير الوصول لاتفاق وقف إطلاق نار فوري وقابل للتنفيذ، مع الأخذ في الحسبان معطيات التطورات الميدانية خصوصًا ما يتعلق بقضية “التحكم والسيطرة”، سيفتح الباب على مصراعيه لوقوع سيناريو الحرب الشاملة والتقسيم والتدخل الخارجي السافر.

الدفاع الشعبي يعود للواجهة

وفي ولاية القضارف شرق السودان، قالت “مبادرة القضارف للخلاص” وهي إحدى منظمات المجتمع المدني الفاعلة في الولاية، إن قيادة الجيش بالولاية أوكلت أمر تسليح المواطنين إلى “الدفاع الشعبي” وهي ميليشيات شعبية كان قد أنشاها نظام الرئيس عمر البشير لمساندته في حربه ضد الحركات المسلحة في جنوب السودان ودارفور.

وأوضحت المبادرة أن منسوبي حزب المؤتمر الوطني الذين تولوا زمام أمر التسليح، سلحوا منسوبيهم، لا للدفاع عن النفس والأرض والعرض، وإنما لتصفية حسابات سياسية مع ثوار ثورة ديسمبر المجيدة.

وأكد البيان أن مسلحين ملثمين منسوبين لحزب المؤتمر الوطني اعتدوا في محلية “الفاو” على مواطنين عزل بالضرب والترهيب، كما أن منسوبين بغرفة الطوارئ المشتركة بمدينة القضارف، التي تضم الاستخبارات العسكرية وشرطة المباحث وجهاز الأمن والمخابرات، لثموا وجوههم وتورطوا في اعتقال موظفين بسيارة دون لوحات.

بالتزامن مع ذلك، اتهمت مبادرة “نساء ضد العنف” مجموعات النظام السابق بقيادة حملة ما يسمى بـ”المقاومة الشعبية”، وتوزيع السلاح بصورة عشوائية على المواطنين المدنيين، مع إشاعة خطاب الكراهية والعنصرية.

وقال البيان إن “ما يحدث انحراف خطير ينذر بمذابح جماعية على أساس الانتماء العرقي إسوة بما حدث في راوندا من مجازر جماعية في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي”.

ودعا البيان للتحرك الفوري لإيقاف هذه الحرب العبثية لأن ذلك هو أفضل وسيلة لحماية الأبرياء من القتل وحماية الوطن من التفكك والضياع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى