تحرك سعودي لاحتواء الأزمة بين المدنيين والعسكر في السودان

في تطور لافت يعكس قلقاً سعودياً متزايداً حيال تدهور الوضع السياسي في السودان، أجرى نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، زيارة غير معلنة إلى مدينة بورتسودان، حيث التقى كبار قادة الجيش السوداني، يتقدمهم الفريق أول عبد الفتاح البرهان، واللواء ياسر العطا، إضافة إلى رئيس الوزراء كامل إدريس.
الزيارة التي جرت وسط تكتم شديد واستمرت لساعات، جاءت في إطار محاولة سعودية لاحتواء تحفظات المدنيين، وخصوصاً رئيس الوزراء إدريس، على تدخل الجيش في صلاحياته، لا سيما في ملف التشكيل الحكومي. وكان إدريس قد أعرب، في مناسبات غير معلنة، عن امتعاضه من تدخل المؤسسة العسكرية في تفاصيل تتعلق باختيار الوزراء، مما يهدد التوازن الهش بين المكونين المدني والعسكري.
وبحسب معلومات مؤكدة، استمر الاجتماع المشترك بين الخريجي والقيادة العسكرية لأكثر من ساعتين، وانتهى بمأدبة غداء مصغرة، قبل أن يغادر المسؤول السعودي بورتسودان عائداً إلى الرياض عند الساعة الخامسة مساءً.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الخريجي لعب دور “الوسيط الضاغط”، حيث نقل رسائل تطمين للبرهان مقابل طلبه من إدريس التهدئة والتوافق المرحلي، مع التأكيد أن تعيين إدريس نفسه جاء بتوصية سعودية واضحة، وأن استمراره مشروط بتنفيذ أجندة تضمن توازن المصالح الإقليمية، في مقدمتها تحجيم النفوذ الإيراني في البحر الأحمر ومنع تفكك المؤسسة العسكرية.
التحرك السعودي هذا، وإن تم خلف الأبواب المغلقة، يعكس إدراكاً متزايداً من قبل الرياض بأن أي انفجار سياسي في بورتسودان قد يؤثر مباشرة على أمن البحر الأحمر ومصالح المملكة في القرن الإفريقي.
