أحداث

تحذيرات من اتساع الحرب الأهلية مع تصاعد اعتماد البرهان على الميليشيات


مدفوعا بيأسه من العثور على وظيفة في بلده الغارق في الحرب. التحق السوداني محمد إدريس (27 عاما) بمعسكر تدريب على الحدود الإريترية تمهيدا للانضمام إلى إحدى المجموعات المسلحة التي تتزايد بمساعي الجيش وتهدد بإشعال الولايات التي بقيت بمنأى عن الصراع بحروب عرقية.

ويقول إدريس من مدينة كسلا الحدودية “أكملت دراستي الجامعية ولم أجد فرصة عمل. وبالالتحاق بمعسكر التدريب سأدافع على الأقل عن بلدي وأهلي”.

وبقيت كسلا، مثل القضارف التي تقع على مسافة 200 كيلومتر غربها. بمنأى عن القتال بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، والجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الزعيم الفعلي للبلاد. لكن مع استضافتهما مئات آلاف النازحين من بقية أنحاء السودان. تجوب شوارع المدينتين حاليا قوافل من سيارات الدفع الرباعي المجهزة بأسلحة مضادة للطائرات، محملة بشباب يلوحون ببنادق.

وأثار إعلان نشر الجيش السوداني “ميليشيا قبلية” مسلحة جديدة في شرق السودان مخاوف قديمة من انفجار الأوضاع في الإقليم المضطرب، وانتقال الحرب إلى ولاياته الثلاث القضارف، وكسلا. والبحر الأحمر، وقد تتدخل فيها بعض دول الجوار مثل إريتريا وإثيوبيا ما يؤدي لزعزعة الأوضاع في كل الإقليم. لا سيما أن المكونات الإثنية ممتدة ومتداخلة في الحدود الجغرافية للبلدان الثلاثة.

وأعلنت ميليشيا أطلقت على نفسها اسم “الأورطة الشرقية” وبالتنسيق مع الجيش. نشر قواتها في عدد من المناطق بشرقي البلاد، للمشاركة في القتال ضد قوات الدعم السريع. وذلك بعد أن تلقت تدريبات في معسكرات الجيش الإريتري داخل الأراضي الإريترية.

وهناك الكثير من الشبان مثل محمد إدريس جزء من جيل مستقبله قاتم بسبب الحرب التي بدأت في نيسان/أبريل 2023. ويشكلون صيدا ثمينا للجماعات المسلحة الجديدة التي تتشكل خصوصا على أسس عرقية وقبلية.

ويؤكد إدريس “القوات التي أريد الالتحاق بها من أبناء قبيلتي وأهلي”. يوضح فيصل محمد صالح، المحلل السياسي ووزير الثقافة السابق. أن هذه “المجموعات المسلحة في شرق السودان لم تنخرط في الحرب الحالية ولم تشارك في القتال. ولكن هناك تخوفات من أن تكون هذه المجموعات تستعد لجولات مقبلة”.

ولم يشهد السودان سوى فترات قصيرة من الحكم المدني منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956. وينشط فيه عدد من الجماعات المسلحة بعضها لديه إمكانات جيش صغير. وعلى مدى عقود، حارب العديد منها السلطة المركزية في الخرطوم. بدعوى الدفاع عن حقوق أقليات عرقية أو مناطق مهمشة.

في العام 2020، وقّع معظم المجموعات المسلحة اتفاق جوبا للسلام مع الخرطوم. وانضم العديد من قادتها إلى الإدارة الجديدة بزعامة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

ويوضح الباحث قصي همرور أنه في بداية الحرب كانت جماعات عديدة “محايدة .ولا تناصر أي طرف لكنها لاحقا انضمت إلى جانب الجيش في قتال الدعم السريع“.

والجديد بحسب فيصل محمد صالح “هي المجموعات السودانية من الشرق .والتي يتدرب معظمها في إريتريا”.

وقال شهود عيان في وقت سابق من هذا العام إن مقاتلين سودانيين يتدربون في خمسة معسكرات على الأقل في البلد المجاور الذي لم يعلق على هذه التقارير. كما أكدت جماعات موالية للجيش أنها تتدرب على الجانب الآخر من الحدود.

ودربت دولة إريتريا داخل أراضيها وتحت إشراف جيشها أربع ميليشيات مسلحة من شرق السودان، وهي “الأورطة الشرقية”، “قوات مؤتمر البجا المسلح”. “قوات تحرير شرق السودان”، و”مؤتمر البجا – القيادة الجماعية”. إلى جانب أن حركات دارفورية مسلحة دربت أنصارها في شرق السودان في دولة إريتريا المجاورة أيضاً.

وتاريخيا، الجماعات المسلحة العرقية أو القبلية “تكون مستقلة حتى لو تحالفت مع الجيش النظامي”. كما يشير أمير بابكر مؤلف كتاب “سلام السودان: مستنقع الميليشيات والجيوش غير النظامية”.

وتعتمد الخرطوم منذ فترة طويلة على جماعات مسلحة لشن الحروب في أجزاء أخرى من السودان. وتعد قوات الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع. التي ارتكبت فظائع في دارفور في العقد الأول من الألفية بناء على أوامر الرئيس السابق عمر البشير، المثال الأكثر كارثية.

ويقول بابكر إن الجيش يعتمد مرة أخرى “على الميليشيات لتأمين المنطقة”. الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى “تقوية هذه الجماعات. مما يجعل من المستحيل تجاوزها في المستقبل”.

في هذا الصدد، تؤكد مجموعة الأزمات الدولية أن “الطرفين المتحاربين الرئيسيين يواجهان مشكلات في القيادة والسيطرة” على قواتهما.

وقالت مجموعة الأبحاث في تقرير أصدرته في أيار/مايو إن البرهان “يخاطر بفقدان سيطرته على مختلف الفصائل” التي يعتمد عليها. وقوات الدعم السريع هي “تشكيلة متنوعة بشكل متزايد من الميليشيات القبلية وأمراء الحرب”.

وأضافت أن “انتشار الجماعات المتحالفة مع الطرفين المتحاربين. والتي تسعى كل منها لتحقيق مصالحها الخاصة. يجعل من الصعب على نحو متزايد إدارة التحالفين المتنافسين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى