أحداث

بورتسودان توقع صفقة أسلحة مع باكستان تشمل طائرات ومسيّرات


وقّعت سلطة بورتسودان عبر منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، اتفاقية عسكرية جديدة مع جمهورية باكستان الإسلامية بلغت قيمتها 230 مليون دولار أميركي، وتشمل توريد مجموعة متنوعة من الطائرات المسيّرة والآليات المدرعة وقطع الغيار العسكرية، في خطوة تعكس توجّه السودان نحو تنويع مصادر تسليحه وتعزيز قدراته الدفاعية في ظل الظروف الأمنية والسياسية المعقدة التي تمر بها البلاد.

وجاء توقيع الاتفاق خلال زيارة رسمية رفيعة المستوى إلى العاصمة الباكستانية إسلام أباد، ترأسها الفريق أول ميرغني إدريس، مدير منظومة الصناعات الدفاعية، الذي يواجه عقوبات أميركية وأوروبية منذ عدة سنوات، برفقة وفد من كبار القادة العسكريين والأمنيين، من بينهم الفريق ركن مجدي إبراهيم، والفريق ركن محمد علي صبير، والعميد ركن المعتصم عبدالله الحاج، إضافة إلى العقيد مهندس عبدالعليم الطيب العوض، الرئيس التنفيذي لمجموعة صآفات للطيران، وهي الشركة التابعة للمنظومة والمتخصصة في تطوير الطيران العسكري والتقنيات الدفاعية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاتفاق الجديد يأتي تتويجًا لمفاوضات استمرت عدة أشهر بين الجانبين، بعد تعليق صفقة سابقة بسبب عقبات فنية وسياسية واجهت تنفيذها، خصوصًا فيما يتعلق بتوريد بعض الأنظمة الحساسة التي تخضع لقيود دولية في التصدير. وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق الجديد يُعدّ أكثر مرونة وتكيّفًا مع الواقع الإقليمي الحالي، ويركّز على مكونات يمكن إنتاجها محليًا في باكستان أو تطويرها في السودان بالتعاون مع مهندسين وخبراء من الجانبين.

خلفية التعديل والظروف المحيطة

تأتي إعادة صياغة الصفقة العسكرية بعد رفض الصين تزويد السودان بمنظومات الدفاع الجوي HQ-9 وHQ-16، وهي أنظمة متقدمة كانت تشكل محور الصفقة الأصلية، إلى جانب تعذر حصول باكستان على مكونات رئيسية لطائرات “ميج-21” من دول ثالثة بسبب القيود التقنية والضغوط الدبلوماسية المفروضة على نقل التكنولوجيا العسكرية الروسية. هذه العقبات دفعت الطرفين إلى تعديل بنود الاتفاق وتبديل بعض المكونات بمنظومات بديلة، يُعتقد أنها تشمل مسيّرات تكتيكية هجومية، وعربات مدرعة خفيفة ومتوسطة، وأنظمة مراقبة واستطلاع حديثة يمكن تشغيلها في بيئات قتال غير تقليدية مثل دارفور وكردفان والخرطوم.

أبعاد استراتيجية

ويرى مراقبون أن الصفقة الجديدة تعكس تحوّلًا في التوجه العسكري السوداني، إذ تسعى سلطة بورتسودان إلى تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستقل عن النفوذ الخارجي، خاصة في ظل استمرار الصراع الداخلي بين الجيش وقوات الدعم السريع. كما أن اختيار باكستان كشريك عسكري رئيسي يحمل دلالات سياسية مهمة، نظرًا للعلاقات التاريخية بين البلدين وتطابق مواقفهما في العديد من الملفات الإقليمية.

ويُعتقد أن الاتفاق يشمل أيضًا برامج تدريب وتبادل خبرات فنية، بما في ذلك إرسال كوادر سودانية إلى الأكاديميات العسكرية الباكستانية، إضافة إلى إمكانية إنشاء خطوط إنتاج مشتركة لبعض المكونات الدفاعية في السودان، وهو ما من شأنه أن يعزز الاكتفاء الذاتي العسكري ويخفف من اعتماد البلاد على الواردات الأجنبية.

انتقادات ومخاوف دولية

إلا أن الصفقة لم تمر دون إثارة الجدل. فقد عبّرت جهات دولية ومنظمات مراقبة السلاح عن قلقها من توقيع السودان صفقات عسكرية ضخمة في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة واستمرار النزاع الداخلي. كما حذر خبراء من أن تمويل مثل هذه الاتفاقيات قد يزيد من عسكرة الصراع ويطيل أمد الحرب الجارية، بدل أن يُوجّه المال إلى إعادة الإعمار والإغاثة.

ورغم هذه الانتقادات، تؤكد السلطات السودانية أن الاتفاقية تهدف بالأساس إلى تعزيز القدرات الدفاعية وحماية السيادة الوطنية، مشددة على أن جميع بنودها تخضع للرقابة القانونية والدولية، وأنها لا تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

في المجمل، تمثل الصفقة العسكرية الجديدة نقطة تحول في مسار العلاقات السودانية الباكستانية، وتفتح الباب أمام تعاون أوسع في مجالات الصناعات الدفاعية، ونقل التكنولوجيا، والتدريب العسكري، في وقت يسعى فيه السودان إلى إعادة بناء مؤسساته العسكرية وسط واقع سياسي وأمني بالغ التعقيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى