أحداث

بـ”الصافرات”.. سكان الخرطوم يواجهون عصابات النهب


مع تصاعد وتيرة أعمال النهب في الخرطوم، لجأ السكان إلى تطوير وسائل أكثر فاعلية لمواجهة هذه المخاطر وتحقيق الحماية، فكانت “صافرات النجدة” أحدث الابتكارات الشعبية للتصدي للعصابات المسلحة.

التي أصبحت العاصمة السودانية تحت رحمتها منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي.

وبعد أن استنفذ مواطني ضاحية جبرة جنوبي الخرطوم كل خطط الحماية من إغلاق الطرق بالحجارة وغيرها، صاروا لاحقاً يستخدمون “الصافرات” إذ يقومون بإطلاقها بكثافة للتنبيه بدخول عصابات النهب إلى الحي السكني، وذلك حتى يتداعى كل السكان ويتجمعوا في منطقة الخطر والتصدي لهجوم تلك العصابات.

ويقول عبد الرحيم إنهم “كانوا يبحثون عن وسيلة سريعة للتنبيه بالمخاطر داخل حيهم السكني في ظل رداءة شبكة الاتصالات والإنترنت، فمن هنا جاءت فكرة الصافرات والتي تكون بمثابة كلمة سر لكل السكان فعندما يطلقها الشخص في مكان ما يعني أنه تعرض لهجوم من عصابات النهب أو شاهدهم يتسللوا نحوه ساعتها يركض الجميع باتجاهه”.

 ويضيف “ما يزال هذا الشي مستمراً، وقد تمكنا بموجبه من تحقيق قدر كبير من الاستقرار والحد من نشاط عصابات النهب والتي دائما تتصيد الأشخاص منفردين وتتحاشى الصدام مع المجموعات، لكن مع اشتداد المعارك العسكرية بدا غالبية سكان ضاحية جبرة المغادرة الى خارج العاصمة الخرطوم، ونخشى من أن تعاود العصابات عملها مجدداً”.

وتوسعت عمليات نهب المواطنين في الطرقات العامة واقتحام المنازل مع دخول الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع شهرها الثالث، وبات السكان يخشون أن تفتك بهم العصابات المسلحة أكثر من نيران الصراع نفسه، وهو ما يؤكده محمد محي الدين أحد سكان ضاحية أمبدة غربي العاصمة السودانية.

 ويشير محي الدين إلى أن العصابات نفسها طورت نشاطها وصار لديها تسليح عالي وتعمل وفق مرشدين يدلونها على الأشخاص الذين يحتفظون بالمبالغ النقدية والمقتنيات القيمة ويقومون بمداهمة الاحياء السكنية والأسواق بخطط شبه عسكرية، من تأمين المداخل والمخارج وغيرها”.

ويقول “باتت تحركاتنا محدودة للغاية لا تتخطى نطاق الحي السكني، فالذهاب إلى الأسواق والمناطق البعيدة سوف يكلفك هاتفك النقال وأي مبالغ نقدية تحملها معك، هذا إن لم تخسر حياتك، فإذا أبديت أي مقاومة وتمنعت سيكون الثمن روحك، حيث يتم قتلك ورميك في قارعة الطريق”.

وفي ظل غياب الشرطة والأجهزة الأمنية المعنية بحماية المواطنين والمرافق العامة، أنشأ سكان في مختلف أنحاء العاصمة السودانية تشكيلات من الشباب ولجان المقاومة التي تتولى عملية طواف مستمرة على الأحياء، وإقامة الحواجز لمنع تحركات عصابات النهب، وهي وسائل خففت من وطأة أعمال النهب والسطو في بعض احياء الخرطوم.

 ويقول بشير عبد الله أحد سكان أمدرمان إن الحرب الحالية جعلتهم يستلهمون تقليد “الفزع” وهو أن يسارع الجميع في الوصول إلى أي مواطن أطلق صيحات النجدة بعد أن يتعرض للهجوم من عصابات النهب، والصافرات هي واحدة من الأدوات التي تحقق هذا الغرض.

ويضيف “كان السودانيين في الريف يطرقون على الآلات البدائية مثل (النقارة) لإعلام السكان بالفزع وتتبع اللصوص عندما تسرق الماشية، فيأتي الجميع عندما يسمعون هذا الصوت، وما نقوم به الآن ليس بمعزل عن التقاليد السودانية الراسخة في نجدة بعضهم البعض”.

وتابع “عندما تطلق الصافرات يأتي الجميع بأسلحتهم فلا أحد يستطيع التخلف عن نجدة أخيه في هذه الظروف الأمنية الحرجة التي نمر بها، ونأمل ان يتداعى السكان في كافة الاحياء لبعضهم من اجل حماية ممتلكاتهم واعراضهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى