تحقيقات

“اللواء حميدتي يقترح مبادرة لإنهاء النزاع وبناء أسس لدولة جديدة”


طرح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” مبادرة لإنهاء الحرب الدائرة بين قواته والجيش السوداني تتضمّن رؤية لـ”تأسيس الدولة السودانية الجديدة”.

معلنا انفتاحه على التفاوض للتوصل إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار، في أحدث مؤشر على استعداد الدعم السريع لدفع الجهود الرامية إلى إجراء مباحثات مباشرة بين طرفي الصراع. على عكس التعنت الذي أبداه قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان ورفضه مساع عديدة لإنهاء الأزمة، فيما تسببت اشتراطاته في تعثر مفاوضات جدّة.

وقال حميدتي في بيان على منصة “إكس” “إن نظام الحكم في السودان يجب أن يكون فدراليا، ديمقراطيا، ومدنيا”. موضحا أن “النظام الفدرالي غير التماثلي، الذي تتفاوت فيه طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفدرالي، هو الأنسب لحكم البلاد”.

وطالب ببناء “سودان جديد” قائم على الديمقراطية والاعتراف بالتنوع والتسامح والسلام الحقيقي. لافتا إلى أن هذا النظام الجديد لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العدالة الاجتماعية.
وأكد على أن “المدخل الصحيح لتحقيق السلام المستدام في السودان هو إنهاء وإيقاف العنف البنيوي، الذي تمارسه الدولة ضد قطاعات واسعة من السودانيين، لا سيما في أطراف السودان”.

وقال إن الحرب الدائرة في السودان “هي انعكاس أو مظهر من مظاهر الأزمة السودانية الطويلة والتي يتطلب إنهاؤها البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد، مقرونا بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان”، مشددا على ضرورة أن تكون حرب 15 أبريل هي النهاية لجميع حروب السودان.
وتابع “حل الأزمة الراهنة يكون بالرجوع إلى ما كانت تتمسك به قوات الدعم السريع دائما وهو الحل السلمي”.
وذكر حميدتي بأن نظام الحكم الديمقراطي المدني يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم ويمكن جميع السودانيين من المشاركة في تقرير مصيرهم السياسي.

كما دعا إلى العمل على إشراك أكبر وأوسع قاعدة سياسية واجتماعية ممكنة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة والمرأة من كافة مناطق السودان.
وشدد على ضرورة “تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية بهدف بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية، واحدة تنأى بنفسها عن السياسة”.

وفيما يتعلق بالموضوعات الخاضعة للتفاوض مع أطراف الحرب. لفت حميدتي إلى “مسألة تأسيس جيش جديد قومي مهني واحد؛ الفترة الانتقالية والحكم المدني الانتقالي. السلام الشامل والعادل المستدام؛ النظام الفدرالي وهياكله ومستوياته وسلطاته وقسمة الموارد؛ العدالة الانتقالية”.
ونوه إلى ضرورة أن تشهد المفاوضات مشاركة القوى “التي تصدت لجبروت قادة نظام عمر البشير الأيديولوجي وأسقطته”، سواء كانت هذه القوى في المركز أو الأطراف وعلى رأسها المهنيين ولجان المقاومة والشباب والنساء.

وأضاف أن “السلام لا يعني إسكات أصوات البنادق أو إيقاف الاعتداءات المستمرة من موسسات الدولة القهرية وغير القهرية على المواطنين وأراضيهم أو ممتلكاتهم وإنما كذلك إنهاء التفاوتات البائنة للجميع في المشاركة السياسية وتوزيع الثروة والفرص المتاحة للمجتمعات والمجموعات والأفراد للنهوض والتقدم لأقصى مدى ممكن في مجتمع تتوفر فيه العدالة الاجتماعية”.

وسحب البرهان وفده من مفاوضات جدة في أكثر من مناسبة، متمسّكا باشتراطات وصفت بـ”التعجيزية” على غرار مطالبته بفكّ الحصار الذي تشنه قوات الدعم السريع على بعض مقاره الإستراتيجية بالعاصمة، كما قاطع مباحثات احتضنتها أديس أبابا في سياق مبادرة أفريقية لإنهاء النزاع، متجاهلا كافة التحذيرات الدولية من تداعيات الحرب على المنطقة، مع تحولها إلى حرب أهلية.

ووصف قائد الجيش السواداني الحديث عن خروجه من العاصمة الخرطوم باتفاق سياسي أو صفقة أو بمساعدة جهة خارجية “مجرد وهم”.
وقال في كلمة ألقاها اليوم الاثنين خلال زيارته قاعدة “فالمينغو” العسكرية بمدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرق البلاد “نحن لا نتفق مع الخونة أو أي جهة ثانية خانت الشعب السوداني”.

وقال للجنود والصحافيين “المجال ليس مجال الكلام الآن .. نحن نكرس كل وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرد”، مضيفا “سنقاتل وسنقاتل .. حتى نصل إلى بر الأمان .. والانتهاء من هذه المحنة أقوياء مرفوعي الرأس”.

وتابع “الحرب بدأت بكذبة، ادعوا أنهم يقاتلون الفلول والكيزان ‘أنصار الرئيس المعزول عمر البشير’، لكن نحن جيش وسنقاتل إلى النهاية. وإذا الحرب قضت علينا فهذه البلاد بخيتة وسعيدة عليهم (مبروكة عليهم)”.وأردف “يقف الشعب في كل مكان وقفة واحدة لهزيمة التمرد والخيانة والمرتزقة القادمين من مختلف بقاع الدنيا ولننتهي من هذه الفتنة ونخرج منها كلنا أقوياء وصامدين ومرفوعي الرأس”.
وذكر البرهان أن الجيش “لم يبدأ” الحرب، قائلا “نحن على حق ولم نبدأ هذه الحرب ولم نسع إليها، هم من بدأوها وسيهزمون شر هزيمة”.
وفي معرض الحديث عن ملابسات خروجه من الخرطوم، أصر على أن عملية الخروج تمت من خلال وحدات وتأمين الجيش، ودون أي اتفاق أو صفقة.
وقال “خروجي تم بمشاركة كل وحدات الجيش؛ القوات الجوية والبرية والبحرية، وكانت عملية شهدت قتال ولم تكن عملية استجداء لأي شخص”.
وأشار إلى سقوط شهيدين أثناء خروجه من مقر القيادة العامة، قائلا “وقعنا في فخ. وإخواننا في القوات البحرية الذين كانوا جزء من العملية قدموا اثنين من الشهداء”.

ويتبادل الجيش السوداني والدعم السريع اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان يخوض طرفا النزاع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

وحذرت المنظمة الأممية من “كارثة إنسانية لها أبعاد هائلة” مع تزايد الجوع وانهيار الرعاية الصحية وتدمير البنية التحتية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى