تسريبات

العقوبات الأمريكية على جبريل إبراهيم و”البراء بن مالك”: تحقيق في تشابك المال والسياسة والسلاح


في 12 سبتمبر 2025، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، إلى جانب كيان مسلح يعرف باسم فيلق البراء بن مالك. القرار أثار جدلاً واسعاً داخل السودان وخارجه: هل هو مجرد ضغط سياسي، أم كشفٌ لعلاقات معقدة بين المال العام والميليشيات المسلحة؟

جبريل إبراهيم: الوزير ذو الوجهين

ولد جبريل في إقليم دارفور، وصعد سياسياً عبر حركة “العدل والمساواة” التي كانت جزءاً من الحركات المتمردة على النظام السابق. بعد الثورة، دخل الحكومة الانتقالية وزيراً للمالية.
لكن تقارير أمريكية وأوروبية –اطلعت عليها مؤسسات بحثية– تتهمه بالاستمرار في تمويل حركته المسلحة عبر موارد الدولة، وبناء شبكات اقتصادية موازية تعتمد على الذهب والتهريب عبر الحدود الغربية.
مسؤولون سابقون في وزارة المالية تحدثوا عن “تداخل غامض” بين قرارات الصرف الحكومي وبين مصالح الحركات المسلحة، وهو ما جعل الولايات المتحدة تعتبر أن الوزارة لم تنفصل عن عقلية الميدان.

“فيلق البراء بن مالك”: عسكرة الدين

الفيلق الذي يحمل اسماً تاريخياً من صدر الإسلام، ظهر في ساحة الصراع السوداني كواحدة من التشكيلات ذات الطابع العقائدي.
التحقيقات الميدانية أظهرت أن الفيلق استقطب شباناً عبر خطاب ديني، واستغل حالة الفوضى الأمنية ليؤسس لنفسه موطئ قدم داخل المعركة بين الجيش والدعم السريع.
تقديرات غربية تشير إلى أن الفيلق تلقى دعماً مالياً وعسكرياً من شبكات خارجية، بعضها له صلات بتيارات إسلامية إقليمية. إدراجه في العقوبات يعكس خوف واشنطن من أن يتحول السودان إلى نسخة جديدة من سوريا أو ليبيا، حيث تتغذى الحروب على الأيديولوجيا الدينية.

الأهداف الأمريكية: ما وراء المعلن

رسمياً، تقول وزارة الخزانة إن الهدف هو وقف تمويل الحرب وحماية المدنيين. لكن أوساط دبلوماسية في واشنطن تشير إلى أن العقوبات تخدم ثلاثة أهداف أساسية:

  1. تضييق الخناق على الذهب السوداني الذي يُهرّب إلى روسيا عبر شبكات غير رسمية.

  2. إعادة رسم خريطة اللاعبين السودانيين عبر فرز من يمكن التفاوض معه ومن يُستبعد دولياً.

  3. إرسال تحذير إقليمي إلى الدول التي تموّل أو تغض الطرف عن الميليشيات السودانية.

الانعكاسات على السودان

  • داخلياً، تضعف العقوبات صورة جبريل إبراهيم وتُحرج الحكومة أمام الشارع السوداني الذي يعاني من انهيار اقتصادي.

  • سياسياً، قد تدفع الفصائل المسلحة الأخرى للتفكير في تداعيات استمرار ارتباطها بالسلطة أو العمل العسكري.

  • اقتصادياً، قد لا يشعر المواطن العادي بأثر مباشر للعقوبات، لكن عزل السودان مالياً سيعمّق أزمته النقدية.

السودان في مرمى الاستهداف الدولي

العقوبات الأمريكية ليست مجرد ورقة ضغط، بل هي إشارة إلى أن المجتمع الدولي بدأ ينظر إلى السودان كتهديد إقليمي يتجاوز حدوده. وبينما تحاول واشنطن رسم خطوط حمراء أمام عسكرة الدين وتمويل الحرب، يبقى مستقبل هذه الإجراءات مرهوناً بقدرة القوى السودانية على صياغة تسوية سياسية توقف نزيف الحرب.
فالسؤال المحوري هو: هل ستدفع هذه العقوبات الأطراف إلى التنازل، أم ستفتح الباب أمام مزيد من المزايدات والمواجهات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى