البرهان يتراجع عن التزامه بلقاء حميدتي بدفع إخواني
أكد هارون محمود مديخر، مستشار قائد قوات الدعم السريع في السودان، أن “رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان غير كلامه في ما يتعلق بالالتزام بلقاء قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لبحث سبل حل الأزمة في البلاد”، في انقلاب على ما تم الاتفاق عليه في قمة ايغاد بجيبوتي، بينما أن هذا التراجع ناجم عن ضغوط من فلول النظام السابق وقيادات الاخوان فهم الأكثر حرصا على تقويض اي فرصة للسلام ونهاية الحرب وهم الأكثر استفادة من استمرار الفوضى أملا في استعادة موقعهم في مشهد سياسي شديد التعقيد.
وليست هذه المرة الأولى التي يقطع فيها البرهان التزاما على نفسه ويتراجع عنه، فمنبر جدة وفر لطرفي الحرب كل الظروف المواتية للقاء مباشر ودفع بقوة نحو وقف اطلاق النار ومهد الطريق لمحادثات لحل الأزمة، لكن مع نهاية كل جولة من جولات المفاوضات برعاية سعودية أميركية، كان قائد الجيش السوداني ينقلب على تعهداته.
وفي العلن يعلن البرهان دعمه لكل الجهود الرامية لتسوية الأزمة وانفتاحه على حوار ينهي الحرب، لكن في كواليس وزارة خارجية حكومة الأمر الواقع وفي الغرف المظلمة مع قادة فلول النظام والحركة الاسلامية، يجري الترتيب لعكس المعلن. وميدانيا أيضا تقابل قوات الجيش أي تهدئة بالتصعيد أو بفتح جبهة مواجهة جديدة، بينما تستمر فلول النظام في محاولة استقطاب دعم حركات التمرد لدعم الجيش في مواجهة قوات الدعم لسريع.
وخلقت وزارة الخارجية السودانية أزمة جديدة مع الدول التي وقّعت على البيان الختامي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في أفريقيا (إيغاد)، السبت بنفيها ما ورد في مسودة البيان الختامي لقمة ا”إيغاد” الـ41، بشأن موافقة البرهان على لقاء حميدتي. وقالت في بيان لها، أن “البرهان اشترط إقرار وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وخروج قوات الدعم السريع من الخرطوم، قبل لقاء حميدتي.
وعلق مديخر في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي أن “الجيش لديه شروط تعجيزية، وهي وقف إطلاق النار والخروج من الخرطوم”، متسائلا: “نخرج إلى أين؟”.
وأشار إلى أن “قوات الجيش ليست لديها نية حقيقية لوقف الحرب الدائرة منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، وعليه فإن لقاء البرهان وحميدتي لن يتم”.
وعقدت قمة “إيغاد” الـ41، في جيبوتي السبت الماضي وبحثت الحرب الدائرة في السودان. وأصدرت االبيان الختامي الذي أشارت فيه إلى موافقة البرهان وحميدتي على عقد لقاء ثنائي بينهما، وذلك بعد 7 أشهر تقريبا على اندلاع بين الطرفين في السودان.
وأضاف البيان الختامي للقمة أن “البرهان أكد التزامه غير المشروط بوقف إطلاق النار وحل النزاع من خلال الحوار السياسي”.
لكن وزارة الخارجية السودانية أعربت في بيانها عن تحفظها على مسودة البيان الختامي للقمة مشيرة إلى أن “السودان أبلغ سكرتارية إيغاد أن لديه ملاحظات وتحفظات جوهرية على مسودة البيان الختامي للقمة، وهو أن وفد السودان لاحظ وجود فقرات أقحمت في المسودة دون مسوغ، فضلا عن الصياغة المعيبة لما اتفق عليه في بعض المسائل المهمة”.
وادعت أن الملاحظات تضمّنت طلب حذف الإشارة إلى “عقد رؤساء إيغاد مشاورات مع وفد قوات الدعم السريع، وهذا يجافى الحقيقية، إذ أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني وهو أحد رؤساء إيغاد ولم يشارك أو يسمع بالمشاورات مع ممثلي التمرد”.
وتؤكد التطورات على الأرض أن خطوة البرهان للتجاوب مع المساعي الأفريقية بشأن وقف إطلاق النار جاءت بسبب خسائره وإدراكه أنه في موقف ضعف، حيث نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي، ومنها قواعد عسكرية ومطارات، مع تراجع الجيش في الأشهر الأخيرة، لكن يبدو أن تحالفات جديدة وراء الكواليس دفعته لانقلاب على ماتم الاتفاق عليه,
وفي المقابل، أبدت قوات الدعم السريع استعدادها للمضي قدما في مساعي وقف إطلاق النار، مرحبة بنتائج القمة الاستثنائية وقالت إنها تلقت دعوة رسمية لحضور القمة، وقبلتها بشرط أن يحضر ممثل الطرف الآخر بصفته ممثلا للقوات المسلحة فقط.
وجاء في بيان لقوات الدعم السريع “اتضح أن البرهان حضر بصفته رئيسا لمجلس السيادة، وهو لا يملك الشرعية الدستورية أو القانونية، ولا الشرعية في الأرض التي تؤهله للمنصب، ولذلك امتنع وفدنا عن حضور الجلسة الرسمية، رغم وجوده في مقر انعقاد القمة”.
وقالت إن “وفد الدعم السريع عقد اجتماعا مع الزعماء المشاركين في القمة كما تحدث معهم حميدتي هاتفيا”، مؤكدا رغبة الدعم السريع في وقف إطلاق النار والمضي قدما في عملية سياسية بشرط أن تقود إلى معالجة جذور الأزمة في السودان.
وتجدد التوتر بين السودان و”إيغاد” إثر بيان الخارجية السودانية مما يهدد بإطالة أمد الحرب حسب محللين.
وبدأ التوتر بين السودان و”إيغاد” في يوليو/تموز الماضي عندما انسحب وفد السودان من قمة زعماء دول المنطقة التي عقدت في العاصمة الإثيوبية احتجاجا على تولي الرئيس الكيني وليام روتو اللجنة الرباعية المعنية بحل الأزمة السودانية بعد اتهامه بعدم الحياد، ولوح السودان بتعليق عضويته في المنظمة الأفريقية التي كان أبرز مؤسسيها عام 1996.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي زار البرهان غالبية دول “إيغاد”، وشملت جولته كينيا وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي وتم تجاوز التوتر، وطلب البرهان عقد قمة لزعماء دول المنطقة لتبني خطوات تؤدي لوقف الحرب في بلاده، وذلك بعد تقدم قوات الدعم السريع.
وتتواصل منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة واسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة في السودان، وكان الطرفان قد اتفقا مرات عدة على وقف إطلاق النار، لكن لم يتم الالتزام به.
واحتدمت الخلافات بين البرهان، وحميدتي بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.