أحداث

البرهان بين الغرب والدولة العميقة للإخوان: كيف يوازن؟


يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني إبراهيم برسي أنّ رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يخوض لعبة سياسية معقدة، حيث يقدم تنازلات استراتيجية للقوى الدولية لإرضائها، بينما يعمل في الوقت نفسه على الإبقاء على الجذور العميقة للحركة الإسلامية “جماعة الإخوان المسلمين” التي ما زالت تمسك بالمفاصل الحقيقية للسلطة في السودان.

وبحسب مقالة برسي التي نُشرت عبر موقع (سودانايل)، فإنّ الأزمة الحالية ليست وليدة حرب نيسان (أبريل) 2023، بل هي نتاج هيمنة الحركة الإسلامية منذ انقلاب 1989، ويوضح أنّ الإسلاميين أعادوا هندسة الدولة السودانية عبر (3) ركائز أساسية؛ أدلجة الجيش، حيث أصبح الولاء للعقيدة الحزبية مقدّمًا على القسم العسكري، وعسكرة جهاز الأمن، وتحويله إلى أداة عقائدية تتحكم في السياسة والاقتصاد والإعلام، بالإضافة الى السيطرة على الاقتصاد عبر شركات كبرى موّلت كتائبهم وأحكمت قبضتها على المجتمع.

ويشير برسي إلى أنّ هذا الهيكل، الذي يمثل فيه جهاز الأمن وكتائب الظل “مركز الأعصاب”، هو الذي ما يزال يوجه المشهد حتى بعد سقوط البشير، وقد عادت آثاره لتظهر بوضوح في الحرب الحالية عبر التصفيات الداخلية الغامضة لضباط بالجيش بهدف إعادة تشكيل الولاءات داخله.

ويعتبر برسي أنّ زيارة البرهان السرّية إلى سويسرا لم تكن بروتوكولية، بل مواجهة مباشرة مع ضغوط دولية ثقيلة. ووفقًا لتحليله، وُضع البرهان أمام خيارين واضحين: إمّا تقديم تنازلات استراتيجية تشمل السيادة وتخفيف قبضة الإسلاميين، وإمّا مواجهة العزلة والعقوبات.

ويلفت برسي الانتباه إلى أنّ قرار البرهان بإقالة ضباط معروفين بانتمائهم إلى الجبهة الإسلامية فور عودته، لم يكن قطيعة حقيقية، بل مجرد “تبديل للوجوه مع بقاء الجوهر”. مضيفًا:” هذا الأسلوب تكتيك ومراوغة معروفة في تاريخ الإخوان، حيث يتم إبعاد ضباط الصف الأول لتتقدم الصفوف الثانية والثالثة، التي تكون أقلّ ظهورًا وأكثر قدرة على التسلل”.

ويؤكد برسي أنّ الخطر الأكبر يكمن في أنّ جهاز الأمن والمخابرات، الذي نقل مقره إلى بورتسودان، ما يزال يمسك بخيوط اللعبة الحقيقية، عبر قنوات التسليح مع إيران وتركيا، والسيطرة على الإعلام، وتأمين الغطاء الخارجي. 

ويختتم برسي رؤيته بالقول: “طالما بقي هذا الجهاز قائمًا، فإنّ المشروع الإسلاموي سيظل حاضرًا ولو بأسماء جديدة”.

في النهاية، يظهر البرهان في تحليل برسي كواجهة مرتبكة لمعادلة معقدة، فهو “يرقص على حافة بركان”، حيث يُبعد بعض الوجوه ليتظاهر بتطهير الجيش من حمولة الإسلام السياسي، لكنّه في الحقيقة يترك الجذور راسخة كما هي، في عملية وصفها برسي بأنّها ليست تفكيكًا لنفوذ الإسلاميين، بل “إعادة توزيع للأقنعة على الوجوه القديمة نفسها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى