أحداث

الإسلاميون وتفكيك السودان.. هل يدفعون نحو التقسيم؟


كشفت الباحثة والدبلوماسية البريطانية روزاليند مارسدن، في تقرير للمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إن الحرب في السودان المستمرة منذ 17 شهرا، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتشريد 10 ملايين شخص، مليونان منهم إلى الدول المجاورة و8 ملايين داخليا.

وتقول مارسدن إن السبب الرئيسي لفشل محادثات وقف إطلاق النار هو أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ما زالتا تسعيان لتحقيق نصر عسكري.

وتضيف مارسدن، بحسب ما نقلت عنها صحيفة “العرب” اللندنية، أنه على الرغم من أن القوات المسلحة السودانية تخسر على أرض المعركة، فإنها لا ترغب في التفاوض من موقع ضعف وزادت من تكثيف القصف الجوي منذ محادثات جنيف.

وقد أحدثت الحرب أسوأ أزمة جوع في العالم، مما دفع الملايين من الأشخاص إلى حافة مجاعة من صنع الانسان.

وفشلت سلسلة من جهود الوساطة الدولية في وقف النزاع. وفي منتصف آب/أغسطس الماضي كانت أحدث محاولة وساطة أميركية لإعادة تنشيط عملية وقف إطلاق النار المتوقفة، بهدف جمع وفود رفيعة المستوى من الطرفين المتحاربين، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع .

ويأمل قادتها أن تغير الأسلحة المتقدمة من إيران والصين وروسيا وغيرها من الدول مسار المعركة. كما يواجه قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبدالفتاح البرهان ضغوطا من الإسلاميين المتشددين لمواصلة الحرب، لاسيما من أولئك المرتبطين بعلي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية ووزير الخارجية السابق في عهد عمر البشير.

وتوفر الألوية الإسلامية الأفراد للقوات المسلحة السودانية، كما أن السيطرة الإسلامية على وزارة الخارجية السودانية جعلت الموقف الدبلوماسي للقوات المسلحة عدائيا أمام أي تقدم.

وتأمل قوات الدعم السريع، التي أنشأها أيضا نظام البشير، بحسب الصحيفة، في تحقيق مكاسب إقليمية إضافية بمجرد بدء موسم الجفاف في تشرين الأول/أكتوبر. وقد أبدت هذه القوات تعاونا أكبر في المحافل الدولية، مستغلة تعنت القوات المسلحة السودانية لتظهر بصورة إيجابية.

وفي ظل هذا الجمود، يجب زيادة الضغط على الدول التي تدعم الحرب من خلال تقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستي للأطراف المتحاربة.

وتوضح مارسدن أن الأولوية الآن يجب أن تكون في اتخاذ مجلس الأمن إجراءات أكثر صرامة في مواجهة الانتهاكات المتعلقة بالحظر الحالي. كما أن هناك حاجة لفرض عقوبات على الأشخاص الذين يعيشون في الديمقراطيات الغربية ويقومون بنشر خطاب الكراهية والدعوة إلى استمرار الحرب.

وكان تجديد نظام العقوبات وحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على دارفور مؤخرا، والذي تم تطبيقه منذ عام 2005 ولكن لم يتم تنفيذه بفاعلية، فرصة ضائعة لتوسيع حظر الأسلحة ليشمل جميع أنحاء السودان، بالنظر إلى انتشار النزاع والأدلة التي تشير إلى حصول كلا الطرفين المتحاربين على أسلحة جديدة من عدة دول.

وترى مارسدن أن السودان يواجه احتمالا حقيقيا للتقسيم الفعلي تحت حكومتين متنافستين وقد يصل الأمر إلى تفكك أكبر. فقد تعهد أحد كبار ضباط الجيش السوداني مؤخرا بأن الجيش سيتشبث بالسلطة لعشرين عاما أخرى إذا انتصر.

وتضيف أنه إذا أراد المدنيون الداعمون للديمقراطية في السودان تغيير هذه الحسابات، فيجب عليهم التوحد على منصة مناهضة للحرب وجعل أصواتهم مركزية في تشكيل جهود بناء السلام المستقبلية. والدعم الدولي ضروري لتحقيق هذا الهدف.

وتقول مارسدن إنه إذا تفكك ثالث أكبر بلد في أفريقيا، فإن ذلك ستكون له تأثيرات على السودانيين لأجيال. كما سينشر عدم الاستقرار إلى جيرانه وإلى ما وراء ساحله على البحر الأحمر الذي يمتد لمسافة 800 كيلومتر.

وتخلص مارسدن إلى أنه لم يعد بالإمكان تجاهل السودان وسط الأزمات العالمية الأخرى، ومن ثم فإن الاهتمام السياسي المنسق وعالي المستوى أمر حاسم لإنهاء هذه الحرب المدمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى